أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)
____________________________________
[٢] (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ) يا رسول الله (صَدْرَكَ)؟ وشرح الصدر توسعته بالأخلاق الفاضلة ، فكأن صدر من لم يكن حليما أو سخيا أو عالما ـ أو ما أشبه ـ ضيق كالإناء الضيق الذي لا يحتوي إلا على شيء قليل ، والنسبة إلى الصدر لأن القلب الذي هو محل الفضائل في الصدر ، ولعل وجه ذلك أن الإنسان إذا ضاق بأمر حمى قلبه ، فيحتاج إلى هواء أكثر لتبريد القلب ، فتنتفخ الرئة انتفاخا كثيرا مما يضيق الصدر حسا ، ثم أن في الاستفهام حلاوة ليس في الإخبار.
[٣] (وَوَضَعْنا) أي حططنا (عَنْكَ) يا رسول الله (وِزْرَكَ) أي حملك الثقيل ، فإن «الوزر» هو الحمل ، وذلك بشرح صدرك حتى لا يثقل عليك حمل التبليغ ، وهذا ما يحسه كل إنسان مرشد ، فإنه في أول أمره يرى حملا ثقيلا عليه من جراء الإرشاد ، ثم يتسع صدره ـ بفضله سبحانه ـ ويحس كأنه وضع عنه الثقل ، حتى يشعر أحيانا بأنه لا حمل إطلاقا.
[٤] (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) من ثقله ، و «أنقض» بمعنى أسمع الصوت فإن الإنسان إذا حمل حملا ثقيلا سمع لظهره فرقعة ، وهذا هو الإنقاض ـ وذلك من باب التشبيه للمعقول بالمحسوس ـ.
[٥] (وَرَفَعْنا لَكَ) يا رسول الله (ذِكْرَكَ) حتى يعرفك كل أحد بالصدق والأمانة وما أشبه ذلك ، هذا بالإضافة إلى ما رفعه سبحانه ـ بعد ذلك ـ من ذكره في المآذن وغيرها.