إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)
____________________________________
[٢] (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) أي القرآن ـ المعلوم من السياق ـ والإتيان بلفظ الجمع في «إنّا» و «أنزلنا» باعتبار التعظيم ، فقد كان المتعارف أن يتكلم كل رئيس عن نفسه وعن أتباعه ، ثم أستعير «الجمع» في كل تعظيم (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وهي «التاسعة عشرة» أو «الواحدة والعشرون» أو «الثالثة والعشرون» من شهر رمضان المبارك ، فقد نزل القرآن بجملته إلى البيت المعمور ـ في السماء الرابعة ـ في إحدى هذه الليالي الثلاث ، ثم نزل منجما على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ظرف ثلاث وعشرين سنة ، أو المراد أن إنزاله على قلب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في هذه الليلة ، وإنما إتيان جبرئيل به أقساطا من السماء ـ بمناسبات ـ كان في ظرف ثلاث وعشرين سنة ، وسميت الليلة ب «القدر» لتقدير أعمال العباد في هذه الليلة.
وقد ورد في الأحاديث ان في هذه الليلة من كل سنة تنزل أفواج من الملائكة بالتقديرات لتلك السنة ، إلى الإمام الحي من الأئمة الإثني عشر عليهمالسلام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيعلم الإمام بما قدر الله سبحانه للخلائق من الآجال والأرزاق والأعمال وسائر الأمور المرتبطة بهم (١) ، وهذا لا يعني أنهم كالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في نزول الوحي ، فقد نزل جبرئيل على مريم وليست رسولا ، بل هو تشريف من الله سبحانه للإمام الذي هو خليفة في أرضه بعد الرسول ، وفي دورنا تنزل الملائكة بالتقديرات ـ في ليلة القدر ـ على الإمام المهدي المنتظر «عجل الله فرجه».
[٣] (وَما أَدْراكَ) يا رسول الله ، أو أيها السامع (ما) هي (لَيْلَةُ الْقَدْرِ)؟ وهذا لتعظيم شأنها.
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ٨٢ ص ٥٢.