يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ
____________________________________
مؤمنون ، وها نحن نراكم عائدون في الكفر؟ وهذا من أبلغ أساليب الالتفات المذكور في علم البلاغة فكأنه صار ما أخبر سبحانه من الدخان ، ثم طلبوا فأجيبوا ، وها هم عائدون إلى الكفر ، ومن قبيله ما يحكى عن بعض الزهاد ـ عملا ـ أنه كان يذهب إلى المقابر ، فيستلقي في قبر كأنه ميت ، ثم يفكر بالمحاسبة والعذاب والأهوال ، فيقول «رب ارجعوني» ثم يجيب ـ كأنه نداء يأتيه من الأعلى ـ أرجعناك إلى الحياة ، فيقوم ويرجع أهله شاكرا أن استجيب له ، لأن يدرك ما فات منه.
[١٧] وليتذكر هؤلاء الكفار (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) أصل البطش الأخذ الشديد باليد للتعذيب ، والمراد نأخذ الناس لتعذيبهم ، والبطشة الكبرى ، هي الأخذ في يوم القيامة (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) ننتقم من كل كافر وفاسق ، و «يوم» منصوب بالمقدر ، أو ب «منتقمون».
[١٨] (وَلَقَدْ فَتَنَّا) أي امتحنا ، فإن الفتنة بمعنى الامتحان (قَبْلَهُمْ) أي قبل هؤلاء الكفار (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) أي فرعون وقومه ، فإنه كثيرا ما يطلق «قوم فلان» أو «آل فلان» أو ما أشبه ، ويراد به هو وقومه وآله (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) ذو كرامة على الله سبحانه ، وهو موسى عليهالسلام.
[١٩] فقال لهم (أَنْ أَدُّوا) أي أعطوا ، من الأداء ، كما يقال «أدّ الأمانة» (إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) أي أطلقوا سراح بني إسرائيل الذين هم في أسركم ، فقد كان