(يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ) ، بالعلم ، (أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٥).
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠))
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ، يخاطب كفار مكة ، (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ، مملكين فيه يعني المال الذي كان بيد غيرهم فأهلكهم وأعطاه قريشا فكانوا في ذلك المال خلفاء عمن مضوا. (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ).
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) ، قرأ أبو عمرو (أَخَذَ) بضم الهمزة وكسر الخاء (مِيثاقَكُمْ) برفع القاف على ما لم يسم فاعله ، وقرأ الآخرون بفتح الهمزة والخاء ونصب القاف ، أي : أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليهالسلام ، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه ، قال مجاهد : وقيل : أخذ ميثاقكم بإقامة الحجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرسول صلىاللهعليهوسلم. (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يوما ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة محمّد صلىاللهعليهوسلم ونزول القرآن.
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ) ، محمد صلىاللهعليهوسلم ، (آياتٍ بَيِّناتٍ) ، يعني القرآن ، (لِيُخْرِجَكُمْ) ، الله بالقرآن ، (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ، وقيل : ليخرجكم الرسول بالدعوة من الظلمات إلى النور أي من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان ، (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).
(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، يقول : أي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من الله وأنتم ميتون تاركون أموالكم ، ثم بين فضل من سبق بالإنفاق [فيما يقرب](١) في سبيل الله وبالجهاد فقال : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) ، يعني فتح مكة في قول أكثر المفسرين ، وقال الشعبي : هو صلح الحديبية ، (وَقاتَلَ) ، يقول لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل فتح مكة مع من أنفق وقاتل بعده ، (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا).
وروى محمد بن فضيل عن الكلبي (٢) أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه أول من أسلّم وأول من أنفق ماله في سبيل الله. وقال عبد الله بن مسعود : أول من أظهر إسلامه بسيفه النبي صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط (ب)
(٢) في المخطوط (ب) «الكعبي» والمثبت عن المخطوط (أ) وط.