والحجية حكم مترتّب على المرتبة الثالثة من الظهور ، فمتى وردت القرينة المنفصلة ـ فضلا عن المتصلة ـ هدمت المرتبة الثالثة من الظهور ورفعت بذلك موضوع الحجية.
وهذا الكلام لا يمكن قبوله بظاهره ، فانه وان كان على حقّ في جعل الظهور التصديقي موضوعا للحجية كما تقدّم غير ان الظهور التصديقي للكلام في ارادة المعنى الحقيقي بنحو الجدّية (١) ليس متقوّما بعدم القرينة المنفصلة بل بعدم القرينة المتصلة فقط (٢) ، لان هذا الظهور منشؤه ظهور حال المتكلم في التطابق بين المدلول التصوري لكلامه والمدلول التصديقي ، والتطابق بين المدلول التصديقي الاوّل والمدلول التصديقي الثاني. والمنظور في هذين التطابقين شخص الكلام بكل ما يتضمّنه من خصوصيات ، فاذا اكتمل شخص الكلام وتحدّد مدلوله التصوّري والمعنى المستعمل فيه تنجّز ظهور حال المتكلم في ان ما قاله
__________________
(١) في النسخة الاصلية قال بدل «بنحو الجدّية» «استعمالا جدّيا» والمناسب ما اثبتناه.
(٢) بمعنى ان المدلول الجدّي للكلام يتشكّل من خلال شخص الكلام ، اي ان المعتبر هو الكلام مع قرائنه المتصلة ، فلو قال المولى مثلا «اعتق رقبة» ولم يقيّد كلامه بقيد متصل فانّ المدلول الجدّي للكلام يتشكّل حتى ولو قيّد الرقبة بوصف الايمان بقيد منفصل ، فانّ هذا التقييد المنفصل اقصى ما يوجب هو اسقاط الاطلاق عن الحجية ، لا أنّ المدلول الجدّي لشخص الكلام الاول يسقط ، وكيف يسقط وقد تمّ وتشكّل ، ولذلك ترى العرف يقولون بعد اتمام حديث المولى :