وما استعمل فيه اللفظ هو المراد جدّا ، ومجيء القرينة المنفصلة تكذيب لهذا الظهور الحالي لا انه يعني نفيه موضوعا (١) ، ولهذا كان الاعتماد على القرينة المنفصلة خلاف الاصل العقلائي لان ذلك على خلاف الظهور الحالي ، ولو كان الاعتماد عليها وورودها يوجب نفي المرتبة التي هي موضوع الحجية من الظهور (٢) لما كان ذلك على خلاف الطبع ولكان حاله حال الاعتماد على القرائن المتصلة التي تمنع عن انعقاد الظهور التصديقي على طبق المدلول التصوري (*).
__________________
هذا هو المراد الجدّي للمولى ، ولذلك ايضا تراهم يتعجبون حينما يعلمون منه في مجلس آخر انه لم يكن يريد الرقبة بنحو الاطلاق ، او لم يكن يرد البحر من الماء في المثال السابق «اذهب الى البحر» ، وما هذا التعجّب إلّا لانهم يرون ان المدلول الجدّي قد انعقد بمجرّد انتهاء الكلام.
(١) اي لا ان موضوع حجية الظهور التصديقي سيسقط ، أو قل : لا ان المدلول الجدّي للكلام الاوّل يسقط.
وقد تعرّض لهذا البحث في بحث «احترازية القيود وقرينة الحكمة ـ الحالة الاولى» ، وسيتعرّض له ايضا في قاعدة الجمع العرفي في اكثر من موضع هناك
(٢) «من الظهور» متعلّق ب «نفي المرتبة». ومراده : انه لو كان الاعتماد على القرينة المنفصلة يوجب نفي المراد الجدّي لكان حاله حال القرائن المتصلة مع انها ـ بنظر العقلاء ـ ليست كذلك ، فهل ان قولنا «اذهب الى البحر وخذ العلم منه» كقول المولى مثلا «اكرم العلماء» ثم في وقت آخر يقول «لا تكرم الفسّاق وان كانوا علماء»؟!
__________________
(*) الصحيح في المقام ان يقال انه لا معنى لسقوط الكلام عن الحجية إلا استكشاف عدم وجود ارادة جدية في الكلام ، وإلا فلا معنى لسقوط الحجية التي هي معلول المدلول