بغير المقدور وهو مستحيل. ومن هنا يكون العجز الناشئ من العصيان والتعجيز مسقطا للتكليف وإن كان لا يسقط العقاب. وعلى هذا الاساس يردف ما تقدّم من «ان الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار عقابا» بقولهم «انه ينافيه خطابا» ، ومقصودهم بذلك سقوط التكليف.
والصحيح انهم إن قصدوا بسقوط التكليف سقوط فاعليّته ومحرّكيّته فهو واضح ، إذ لا يعقل محركيّته مع العجز الفعلي ولو كان هذا العجز ناشئا من العصيان ، وإن قصدوا سقوط فعليّته فيرد عليهم ان الوجوب المجعول انما يرتفع اذا كان مشروطا بالقدرة ما دام (١) ثابتا ، فحيث لا قدرة بقاء لا وجوب كذلك. وأمّا اذا كان مشروطا بالقدرة بالقدر الذي يحقق الادانة والمسئولية (٢) فهذا حاصل بنفس حدوث القدرة في اوّل الامر فلا يكون الوجوب (٣) في بقائه منوطا ببقائها.
__________________
(١) شرط القدرة. اي تارة تكون القدرة حدوثا وبقاء ماخوذة في موضوع التكليف كقول المولى لعبده «ابق احرث الارض وازرعها واسقها اليوم ما دام عندك قدرة» ومعنى هذا انه اذا تعب لا تكليف عليه ، وتارة يقول اذا استطعت أن تحافظ على حياتك فافعل فهذا الذي كان مستطيعا على الحفاظ على حياته ثم القى بنفسه يبقى التكليف عليه فعليا لان شرط التكليف وجود القدرة حدوثا فاذا القى بنفسه فان التكليف سيبقى عليه فعليا لتحقق شرط الفعلية. (ومراده) هنا الحالة الاولى وهي ما اذا كان الوجوب المجعول مشروطا بالقدرة حدوثا وبقاء ـ كالصيام ـ فانه بارتفاع القدرة بقاء يرتفع الوجوب الفعلي ، (ولعلّ) نظر المشهور الى هذه الحالة الاخيرة.
(٢) كما في مثال القاء النفس من شاهق.
(٣) كوجوب الحفاظ على النفس.