الخاصّة وهي شرب الدواء المقيد بالطعام ، ومن اجل فعليتها كانت محركة نحو ايجاد القيد نفسه ، غير ان الارادة التي ذكرنا انها مقيدة بشروط الاتصاف ليست منوطة بالوجود الخارجي لهذه الشروط بل بوجودها التقديري اللحاظي (١) لان الارادة معلولة دائما لادراك المصلحة ولحاظ ما له دخل في اتصاف الفعل بها لا لواقع تلك المصلحة مباشرة. وما اكثر المصالح التي لا تؤثّر في ارادة الانسان لعدم ادراكه ولحاظه لها. فشروط الاتصاف بوجودها الخارجي دخيلة في الملاك وبوجودها التقديري اللحاظي دخيلة في الارادة ، فلا مصلحة في الدواء الّا اذا كان الانسان مريضا حقّا ، ولا ارادة للدواء الّا اذا لاحظ الانسان المرض وافترضه في نفسه او فيمن يتولّى توجيهه.
ونفس الفارق بين شروط الاتصاف وشروط الترتّب ينعكس على المرحلة الثالثة وهي مرحلة جعل الحكم ، فقد علمنا سابقا ان جعل الحكم عبارة عن انشائه على موضوعه المقدّر الوجود (*) ، فكل شروط الاتصاف تؤخذ مقدّرة الوجود في موضوع الحكم وتعتبر شروطا للوجوب المجعول ، وامّا شروط الترتب فتكون ماخوذة قيودا للواجب.
واذا لاحظنا المرحلة الثالثة بدقّة وميّزنا بين الجعل والمجعول ـ
__________________
(١) ولذلك ترى التعليمات الطبية تقول «اذا مرض احد بالمرض الفلاني فليستعمل العلاج الفلاني» فارادتهم لاستعمال هذا العلاج الفلاني متوقّف على تقدير وجود المرض الفلاني ، فهم يلاحظون هذا الفرض فيعطون حكما على ضوئه ، وهكذا سائر القوانين والتشريعات
__________________
(*) قال في النسخة الاصلية بدل «المقدّر الوجود» الموجود وهو سهو