ومن هنا وقع البحث في امكان الشرط المتأخّر وعدمه ، ومنشأ الاستشكال هو ان الشرط والقيد بمثابة العلّة او جزء العلّة للمشروط والمقيد ، ولا يعقل ان تتأخّر العلّة او شيء من أجزائها زمانا عن المعلول والا يلزم تاثير المعدوم في الموجود (١) ، لان المتاخّر معدوم في الزمان السابق فكيف يؤثّر في وقت سابق على وجوده؟!
وقد اجيب على هذا البرهان : امّا فيما يتعلّق بالشرط المتاخّر للواجب (٢) فبأن كون شيء قيدا للواجب مرجعه الى تحصيص الفعل بحصّة خاصّة وليس القيد علّة او جزء علّة للفعل (٣) ، والتحصيص كما يمكن ان يكون باضافته الى امر مقارن او متقدم (٤) كذلك يمكن أن يكون بامر
__________________
(١) بمعنى يلزم تأثير العلّة الناقصة في المعلول ، والعلّة الناقصة بمثابة «عدم العلّة» كما هو واضح.
(٢) كما في مثال شرطية غسل الليلة الآتية في صحّة صيام المستحاضة الكبرى ، وذلك بأن يقال بأن الواجب المطلوب هو الصيام الملحوق بالغسل ، وهو حصّة خاصّة من الصيام ، وليس الغسل الآتي شرطا في صحّة الصيام ، (وهذا) الجواب هو لصاحب الكفاية (قده).
(٣) بيانه ان الغسل اللاحق ليس شرطا لصحة الصوم كي يقال باستحالة هذا الشرط المتأخّر عن المعلول ، وانما الغسل هو صفة تتبع الصيام ليصير هذا الصيام محبوبا.
(٤) الامر المقارن كالطهارة والاستقبال في الصلاة ، والامر المتقدم كالوصية بكتاب ما مثلا فانه بالموت يملكه الموصى له ، وكالعقد في بيع السلم وفي الصرف فانّ المبيع لا يملّك فيهما إلّا بالقبض ـ على ما هو معروف ـ وكعقد الفضولي بناء على القول بالنقل ، فان الوصية والعقود المذكورة امور متقدمة على الملكية.