امّا الاوّل فلأن الوجوب الغيري ان اريد به الوجوب المترشّح بصورة قهرية من قبل الوجوب النفسي فهذا غير معقول ، لانّ الوجوب جعل واعتبار ، والجعل فعل اختياري للجاعل ولا يمكن ترشحه بصورة قهرية ، وإن اريد به وجوب يجعل بصورة اختيارية من قبل المولى فهذا يحتاج الى مبرّر ومصحّح لجعله ، مع ان الوجوب الغيري لا مصحّح لجعله ، لان المصحّح للجعل ـ كما تقدم في محلّه ـ امّا ابراز الملاك بهذا اللسان التشريعي وامّا تحديد مركز حق الطاعة والادانة ، وكلا الامرين لا معنى له في المقام ، لانّ الملاك مبرز بنفس الوجوب النفسي ، والوجوب الغيري لا يستتبع إدانة ولا يصلح للتحريك كما مرّ بنا فيلغو جعله.
وامّا الثاني فمن اجل التلازم بين حب شيء وحب مقدمته وهو تلازم لا برهان عليه وانما نؤمن به لشهادة الوجدان (١) ، وبذلك صحّ افتراض الحب في جلّ الواجبات النفسية التي تكون محبوبة بما هي مقدمات لمصالحها وفوائدها المترتبة عليها (٢). ولو انكرنا الملازمة بين
__________________
(١) والشاهد على حبّ الله تعالى لمقدّمة الواجب كالسير الى الحج هو محبّة الله تعالى للصلاة والصيام والحج وغيرها التي نسمّيها واجبات نفسية مع انها واجبات غيرية فانّ هذه العبادات واجبة ليتقرّب الانسان الى الله ويرتبط به ويتذكر الفقراء فيساعدهم وليقوّي ارادته ونحو ذلك.
(٢) تعرّض لبعض جوانب هذه المسألة في بحث «تعريف الواجب الغيري».
(بيان ذلك) إنّ حبّ الشيء يلازم حبّ مقدّمته من حيث كونها مقدّمة وإن كانت مبغوضة في ذاتها ، فدخول ارض الغير بلا اذنه للانقاذ رغم قبحه الذاتي محبوب من حيثية مقدّميته للانقاذ الأهم.