وهناك اعتراض يواجه الاستدلال بالسيرة ، وهو ان السيرة مردوع عنها بالآيات الناهية عن العمل بالظن (١) الشاملة باطلاقها لخبر الواحد.
وتوجد عدّة اجوبة على هذا الاعتراض :
الجواب الاوّل : ما ذكره المحقق النائيني رحمهالله من ان السيرة حاكمة على تلك الآيات ، لانها تخرج خبر الثقة عن الظن وتجعله علما بناء على مسلك جعل الطريقية في تفسير الحجيّة.
__________________
(١) ولعلّ اهمها قوله تعالى (وما يتّبع أكثرهم إلّا ظنّا إنّ الظّنّ لا يغنى من الحقّ شيئا) و (ولا تقف ما ليس لك به علم).
__________________
(وما ذكرناه) هنا من الامور الثلاثة هو مراد السيد الشهيد (رحمهالله) في المتن من قوله «ان التقريب الاوّل يتكفّل مئونة اثبات جري اصحاب الأئمة على العمل بخبر الثقة» ،
(ولعلّك) لاحظت اننا قد استعنّا بدليل الروايات في استدلالنا بالسيرة هنا وما ذلك الّا لتأكيد حصول الاطمئنان بوجود هكذا سيرة متشرّعية في زمان المعصومين عليهمالسلام ، وهذا دعم مهم في المقام ، (وإن) كان يمكن الاستغناء عن هذا الدعم وذلك بان نقول. كما عرفت قبل قليل. بان مسألة الاعتماد على خبر الثقة اهم بكثير من مسألة القياس التي ورد فيها روايات ناهية بالمئات واهمّ بكثير من مسألة السواك التي ورد فيها اكثر من مائة رواية ... فلو لم يكن خبر الثقة حجّة لكان قد وردنا مئات الروايات الناهية عن العمل به ، فافهم ، فان المسألة اهمّ مسألة في علم الاصول على الاطلاق ولذلك اطلنا البحث فيها على خلاف العادة لكي لا يبقى شك في هذا المجال.
(فاذا) عرفت ما نقول تعرف ان حجية خبر الثقة الثابتة بدليلنا المذكور هي حكم تأسيسي لا امضائي ، وانما يكون امضائيا لو ثبتت سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة مطلقا.