وبالجملة هذا الجواب ليس بجيّد فى المقام لان ذلك الشيء الخارجى ان اتّحد مع العبادة فى الوجود الخارجى من حيث الصدق لم ينفع اختلافهما بحسب المفهوم ، بل هو عين محل النزاع لان القائل بجواز اجتماع الامر والنهى لا يقول به الّا فى مثل المقام ، فاذا اعترف المانع بجواز ذلك فى العبادة المكروهة كان الاستدلال على وجه النقض فى محله وان لم يتّحد معها بحسب الصدق الخارجى بل كان مجتمعا مع العبادة بحسب المورد من باب المقارنة الخارجية لزم ان يكون الواجب المقترن بالحرام ـ كالصلاة المقترنة بالنظر الى الاجنبية ـ حراما ، ويكون كل واحد من المقترنين المختلفين فى الحكم مشتركا مع الآخر فى حكمه مع انّ الكراهة حينئذ لا اختصاص لها ببعض افراد العبادة ، بل يكون كل فرد من افراد الواجب المقرون بشيء من المكروهات مكروها ومفاسد هذه المحذورات اشنع من القول بجواز اجتماع الامر والنهى.
الخامس ـ ما ذكره بعض الأجلّة فى تصوير الكراهة فى العبادات وكلامه وان كان مسوقا لتصوير ذلك الّا انّه لو تم لكان جوابا عن الدليل المزبور ايضا ومحصّله (١) : انّ كراهة العبادة عبارة عن رجحان تركها بقصد القربة فالعبادة المكروهة كالصلاة فى الحمام مطلوب تركها مقيدا بذلك القصد لا مطلقا ولا استحالة فى ذلك ، لانّ الشيء اذا كان فعله راجحا ومطلوبا كان لتركه اعتباران :
احدهما ـ ان لا يوجد معه شيء من القيود وهو بهذا الاعتبار يكون
__________________
(١) ـ راجع : هداية المسترشدين