واما ثانيا ـ فلأنّ الشيء اذا كان عبادة كيف يكون تركه مقرّبا حتى يقصد به التقرّب ، والتقييد بقصد القربة انّما يجدى فيما اذا كان المقيّد به من الفعل او الترك امرا من شأنه يحصل التقرّب.
ومن الواضح انّ اتّصاف طرفى النقيض بهذه الشأنية مستحيل جدا فاذا فرضنا انّ فعل هذا الشيء امر يوجب التقرب لكونه عبادة كان تركه تركا لا يحصل منه القرب سواء كان الترك هذا مقصودا به التقرب ام لا ، نعم لو انضمّ الى تركه بعض الامور الراجحة شرعا كالاجابة فى ترك الصوم المندوب ونحوها ، كان الترك حينئذ مقيّدا بقصد القربة امرا مقرّبا باعتبار ما فى هذه الضميمة من الرجحان ، بل التقرب حينئذ يكون فى الحقيقة من الصفات الضميمة ويكون الترك راجحا من باب كونه مندرجا تحت امر راجح آخر لا لاجل كونه تركا لامر راجح بقصد القربة ومن هنا ظهر ما فى مقايسة المقام بترك الصوم لاجل الاجابة ـ كما ذكره رحمهالله ـ من الفساد وسوء [...](١) لانّ تروك العبادات قد يكون راجحة من حيث اشتمالها على جهات اخرى وتركه من هذا القبيل جدا وامّا ترك الصلاة فى الحمام فرجحانه على القول به انّما هو لاجل كونه لنفس العبادة وهذا هما لا يتعقّل.
السادس ـ (٢) انّ المراد بكراهة العبادات مرجوحيتها بالاضافة الى غيرها من الافراد فرجحانها ذاتى ، والمرجوحية اضافية ولا خير فى ذلك لانّ الشيء ربما يكون له فى حد ذاته مقام وبملاحظة الغير له مقام آخر كالغسل ، فانه اما واجب نفسى او مستحب كذلك ، ومع ذلك فهو واجب للغير ايضا فكما انّ
__________________
(١) ـ هنا كلمة لا تسهل قراءته
(٢) ـ مطارح الانظار : ص ١٣٤