مجرد الاخبار عن كونه اقلّ ثوابا من الصوم فى السفر ، وهذا الاخبار لا ينافى رجحان اصل الصوم بوجه من الوجوه ، يدفعها ان استعمال النواهى فى صرف الاخبار لمن لم يسمع فى لغة العرب اصلا ولو سلم صحة هذا الاستعمال فسياق النواهى الواردة فى صوم السفر كاد ان يكون نصا فى خلافه ، لان التامّل فى مجموعها خصوصا بعد ملاحظة اشتمال بعض الاخبار على لفظ الكراهة وعلى كونه معصية ونحو ذلك مما هو صريح فى حسن الترك يعطى الجزم بانّ المقصود بها امتثال المكلف بها فى ترك الصوم ، واين هذا من مجرد كونها مسوقة لصرف بيان الواقع والاخبار عن قلّة الثواب المنافية للترغيب والتحريص على الترك.
والذى يساعد النظر الصحيح فى معنى الكراهة فى هذا القسم من مكروه العبادة هو ان يقال : ان الكراهة هنا عبارة عن مطلوبية تركها على حدّ مطلوبية فعلها ، لكن لا من حيث كونه تركا للعبادة بل من حيث اشتماله على فضيلة اخرى وجودية او عدمية ، فيكون المقصود بالنهى حينئذ طلب الترك حقيقة الّذى مرجعه الى الامر بالترك الواجد لتلك الفضيلة ويتفرّع على ذلك حينئذ التخيير الشرعى بين الفعل والترك من باب المزاحمة على قياس التخيير الثابت بين الواجبين او المستحبين المتزاحمين.
وتوضيح هذا الاجمال الّذى سبقت اليه الاشارة عند ذكر كلام بعض الأجلّة هو انّ فعل الشيء اذا كان مطلوبا ومحبوبا ، فان لاحظنا تركه من حيث كونه تركا لذلك الشيء امتنع حينئذ اتّصافه بالطلب والمحبوبية ، لانّ ترك المحبوب مبغوض وترك المطلوب منهى ، واما اذا كان تركه مصادفا لامر