تعذر الامتثال بهما معا. (١)
ويرشدك الى ما ذكرنا فى معنى الكراهة هنا انّ الفقهاء ـ رضوان الله عليهم الّا بعض من تاخر كصاحب المدارك ونحوه ، سوّوا فى الكراهة بين موارد النهى عن الصيام والموارد الخالية عن النهى كصوم المدعوّ الى الطعام وصوم الولد والزوجة مع نهى الوالد والزوج مع عدم ورود نهى فيه من الشارع ، مستندين فى ذلك الى افضلية تركه ، لكونه اجابة للاخ المؤمن واطاعة للوالد كما يرشد اليه ايضا ما فى بعض الاخبار من تعليل النهى عن صوم يوم عرفة مع اشتباه هلال فهى الحجة باحتمال كونه يوم العيد ، فانّ مرجعه الى حسن الاحتياط الحاصل بترك الصوم.
وبالجملة لا يخفى على المتأمل ان هذا النحو من الكراهة التى مرجعها الى استحباب ترك الفعل باعتبار كونه محصلا لعنوان راجح لا ينافى استحباب الفعل ورجحانه بوجه من الوجوه ، اذ الترك حينئذ من حيث اختفائه بذلك العنوان يكون ضدا للفعل لا نقيضا له ولا استحالة فى استحباب الضدين على جهة التخيّر.
وحينئذ يكون المقصود من هذه النواهى المتعلّقة بالصيام والصلاة المكروهة طلب تركها حقيقة ، لكن لا مطلقا بل من حيث كونه محصلا للمستحب الآخر ، وقضية ذلك ثبوت التخيير بين الفعل والترك كالتخيير بين الواجبين المتزاحمين او المستحبين كذلك.
لا يقال انّ ارجاع النهى الى استحباب الترك باعتبار كونه محصّلا لبعض
__________________
(١) ـ انظر : مطارح الانظار ص ١٣٨ وقارن.