المستحبات ، انّما يتم فى مثل صوم المدعوّ الى طعام وصوم الولد والزوجة ونحوها مما علم فيه باشتمال الترك على امر مستحب كالاجابة والاطاعة ، وامّا فى مثل الصوم فى السفر مطلقا والصلاة فى الاوقات المكروهة الّتي لم يعلم اشتمال تركها على امر مستحبّ فليس بجيّد ، لانّ ظاهر النهى مطلوبية مطلق ترك الصوم وترك الصلاة فى تلك الاوقات.
فلو كان المقصود بالنهى تركهما لاجل حصول عنوان راجح فيه ، كان الواجب الامر بذلك العنوان او تعليل النهى بحصوله لا النهى عن الترك مطلقا ، لا ما يقال حيثما كان الامر كذلك علمنا انّ ذلك العنوان الراجح ملازم لترك العبادة بحيث يحصل بتركه مطلقا فلا حاجة حينئذ الى الامر بذلك العنوان او تعليل النهى به بل يكفى حينئذ طلب ترك العبادة لثبوت الملازمة بين هذا الترك وبين ذلك العنوان.
والحاصل ان النواهى المتعلقة بهذا النحو من العبادة التى امر بها عينا من دون ان يكون لها بدل يقوم مقامه ، كاشفة بحكم العقل عن مجامعة تركها لعنوان راجح مستحب ، لكن هذا العنوان ان كان مما امكن مفارقته عن الترك ـ كالاجابة بالنسبة الى ترك صوم المدعوّ الى طعام ـ وجب على الشارع الامر بذلك العنوان او النهى عن الفعل معلّلا بحصول ذلك ، وان لم يمكن مفارقته عن الترك بل كان لازما له فلا حاجة حينئذ الى شيء منهما ، بل يكفى مجرد النهى عن الفعل.
غاية الامر انّه اذا لم يامر بذلك العنوان كنا فى جهل بذلك وهذا غير قادح بعد فرض الملازمة الواقعية بينه وبين الترك.