المكلف حكم واحد ، وكذا حكم منكرى الشرائع ومثبتها به حكم واحد فلا يمكن اطلاق الحكم الشرعى عليه ، ضرورة كون «حكم الشارع» هو خطابه المتعلق بافعال المكلفين او طلبه من المكلف فعلا او تركا او تسويته بينهما وهو مباين للحكم العقلى.
فالخلاف انّما هو فيما تقدم عن الاسنوى من ان الوقوف على الحكم الشرعى لا يحتاج الى الخطاب الفعلى فى الشرعيات ، وان العقل له قابلية الكشف عنها بناء على وجوب مراعاة المصالح والمفاسد على الشارع.
وبمثل ذلك صرح الزركشى على ما حكى عنه فى الوافية ـ قال فى جملة تنبيهات له :
«الاوّل ـ ان المعتزلة لا ينكرون ان الله تعالى هو الشارع للاحكام وانما يقولون [ان العقل يدرك] ان الله ـ تعالى ـ انما شرع احكام الافعال بحسب ما يظهر من مصالحها ومفاسدها فيهما عندهم مؤديان الى العلم بالحكم الشرعى والحكم الشرعى تابع لهما لا عينهما.
فما كان حسنا جوزه الشارع وما كان قبيحا منعه ، فصار عند المعتزلة حكمان احدهما عقلى والآخر شرعى تابع له ، فبان انهم لا يقولون انه بمعنى الثواب والعقاب ليس بشرعى اصلا خلافا لما يوهمه ظاهر عبارة المصنف انتهى». (١)
فحاصل الكلام ان اثبات الحكم الشرعى عند العدلية بمقدمتين :
إحداهما ـ حكم العقل بالمدح والذم والثواب والعقاب بمعنى جزاء
__________________
(١) ـ الوافية مع شرحها ـ الاصل المخطوط ص الف / ٢ ـ ١