ويشبه ان يكون من هذا القبيل ما اشتهر من ورود الراوية بانه لا يكتب السيّئة فى ثلاثة ايام من يوم الغدير الى ما بعده ، فان هذا لو قبح فانما يقبح لو وصل على وجه القطع الى عوام الناس الذى لا يبالون بالمعاصى ولو يلعبون فيها بادنى بشارة بل اتكالا على توبتهم وعلى رحمة الله تعالى.
فكيف اذا قطعوا من اخبار المخبر الصادق بانهم لا يؤاخذون عليها مع ان الاخبار بنفى التعذيب على الوجه العام بالنسبة الى المعاصى لا اشكال فى كونه مقربا الى المعصية ـ بل مخلا بالنظام فالموجب لعدم توغلهم فى المعاصى فى هذه الايام ، هو عدم سماعهم لهذه الرواية على وجه يقطعون به او يطمئنون عليه.
وانما علم بذلك الائمة ـ عليهمالسلام ـ واصحابهم الذين يقربهم الى المعاصى بشارة الاجر عليها ، لانهم لا يحترزون عن المعاصى خوفا من النار بل واظن انهم كانوا اظنّاء بمثل هذه الروايات الواردة لبيان سعة رحمة الله ـ تعالى ـ لا لتغير الجهال والعوام كارهين لانتشارها ولا ينبغى للشخص اظهار امثال ذلك ، بل وقد يحرم اظهاره لبعض الاشخاص.
ولنرجع الى ما كنا فيه فنقول : ان نفى فعلية التعذيب وان كان يجتمع مع الحرمة الّا ان فيه ما ذكرنا من انه ظاهر فى الاباحة ظهورا قويا قد يصرف به بعض ظواهر التحريم ، فلا بد من الرجوع بالاخرة الى ما دل على حجية العقل ليثبت به الحكم الشرعى على وجه اليقين ، ويجمع بينه وبين الآية بالقول بالحكم الشرعى مع نفى العقاب على المخالفة.
وانت خبير بان الجمع بينهما بتخصيص الآية اولى.