فخرج حتى أتى بني قريظة ـ وكان نديمهم ـ فذكّرهم ودّه ، وقال : إنّ قريشا وغطفان من الطارئين على بلادكم ، فإن وجدا فرصة وغنيمة أصابوها ، وإلا لحقوا ببلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل ، ولا قبل لكم به ، فلا تقاتلوهم حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم ليناجزوا القتال ، ثم أتى قريشا وغطفان فذكّرهم ودّه لهم فقال : بلغني أمر أنصحكم فيه فاكتموا عليّ ، إنّ معشر يهود ندموا وترضّوا محمدا على أن يأخذوا منكم أشرافا ويدفعوهم إليه ، ثم يكونون معه عليكم ، فوقع ذلك من القوم.
وأرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة : إنا لسنا بدار مقام ، وهلك الخفّ والحافر فلنناجز محمدا ، فطلبوا رهنا ، فقال قريش وغطفان : إن حديث نعيم لحق ، وتخاذل القوم ، واتّهم بعضهم بعضا ، [وكفى الله المؤمنين القتال].
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ). (٢٦)
من حصونهم ، عن قتادة.
نزل جبريل ورسول الله في بيت زينب بنت جحش يغسل رأسه ، فقال : عفا الله عنك ما وضعت الملائكة سلاحها منذ أربعين ليلة ، فانبذ إلى بني قريظة ، فإني قطعت أوتارهم وقطعت أوتادهم ، وتركتهم في زلزال وبلبال ، فحاصرهم النبيّ عليهالسلام ، ثم قتل مقاتليهم وسبى ذراريهم (١).
__________________
(١) أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) قال : هم بنو قريظة ، ظاهروا أبا سفيان وراسلوه ، ونكثوا العهد الذي بينهم وبين النبيّ صلىاللهعليهوسلم. فبينما النبيّ صلىاللهعليهوسلم عند زينب بنت جحش يغسل رأسه ـ وقد غسلت شقه ـ إذ أتاه جبريل عليهالسلام فقال : عفا الله عنك ، ما وضعت الملائكة سلاحهم منذ أربعين ليلة ، فانهض إلى بني قريظة فإني قد قطعت أوتادهم ، وفتحت أبوابهم وتركتهم في زلزال وبلبال ... الخ. ـ