وهو في شعر الهذليين شائع ، قال ساعدة بن جؤية :
١٢١٨ ـ حتى يقال وراء الدار منتبذا : |
|
قم لا أبا لك سار النّاس فاحتزم |
١٢١٩ ـ فقام ترعد كفاه بمحجنه |
|
قد عاد رهبا رزيّا طائش القدم (١) |
وقال أبو خراش :
١٢٢٠ ـ وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل |
|
سوى الحق شيئا واستراح العواذل |
١٢٢١ ـ وأصبح إخوان الصفاء كأنّهم |
|
أهال عليهم جانب الترب هائل (٢) |
وإذا ثبت هذا فقد قال عبد الله بن الحسين (٣) : معنى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) أي : يعودون إلى المقول. أي : إلى نسائهم.
كأنّ التقدير : والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ، ثم يعودون إلى نسائهم.
وصرف هذا التأويل أنّ «ما قالوا» بمعنى المصدر ، والمصدر بمعنى المفعول ، مثل قولهم : هذا ضرب الأمير ، ونسج بغداد. أي : مضروبه ومنسوجها.
وقد قال كثيّر في المقالة بمعنى المفعول :
١٢٢٢ ـ وإن ابن ليلى فاه لي بمقالة |
|
ولو سرت فيها كنت ممّن ينيلها (٤) |
فإنّ المعنى : ولو سرت في طلبها كنت ممن ينيله إياها ، وإنما يطلب ما يعدّ به الملوك من جوائزها ، لا ما تلفظ به.
__________________
(١) البيتان لساعدة بن جؤية الهذلي. وهما في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٢٤. احتزم : شدّ وسطك ، الرهب : الرقيق الضعيف ، الرزي : المعيى المطروح.
(٢) البيتان في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٢٣ ، وقد تقدما ١ / ٣٦٧.
(٣) هو عبد الله بن الحسين ، أبو محمد الناصحي ، كان إماما كبيرا حنفيا ، له مجلس التدريس والفتوى. أخذ الفقه عن القاضي عتبة أبي الهيثم عن قاضي الحرمين ، وأخذ عنه ابنه محمد. ولي قضاء القضاة للسلطان محمود بن سبكتكين ببخارى ، توفي سنة ٤٤٧ ه.
(٤) البيت في ديوانه ص ٣٠٤ ؛ وإيضاح الشعر ٤٣٢ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٤٧٦.