(عِتِيًّا). (٨)
سنّا عاليا.
__________________
ـ [يرحم الله أخي زكريا ، ما كان عليه من ورثه ، ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد]. واستدلّ الشيعة بالآية على أنّ الأنبياء عليهمالسلام تورث عنهم أموالهم ؛ لأنّ الوراثة حقيقة في وراثة المال ، ولا داعي إلى الصرف عن الحقيقة. ـ والجواب أنّ الداعي للصرف عن الحقيقة قوله عليه الصلاة والسّلام : [نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركنا صدقة] لئلا يحصل التعارض بين الكتاب والسنة. قال القرافي : رواه الشيعة بالنصب [ما تركنا صدقة]. فصار المعنى : لا يورث ما تركناه وقفا ، وصار مفهومه أنهم يورثون في غيره. فغيّروا الرواية ، كذلك قوله عليهالسلام : [اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر]. فقد رووه : [أبا بكر وعمر]. فانعكس المعنى ، أي : يا أبا بكر وعمر ، فيكونان مقتدين لا مقتدى بهما. ا. ه. ـ وأيضا فإنّ زكريا عليهالسلام كان مشهورا بكمال الانقطاع والتجرد ، فيستحيل عادة أن يخاف من وراثة المال والمتاع اللذين ليس لهما في نظره العالي أدنى قدر. ـ وقال القرطبي : وأمّا وراثة المال فلا يمتنع ، وإن كان قوم قد أنكروه ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : [لا نورث ما تركنا صدقة]. فهذا لا حجة فيه ، لأنّ الواحد يخبر عن نفسه بإخبار الجمع. وقد يؤول هذا بمعنى : لا نورث الذي تركنا صدقة. فإن قيل : ففي بعض الروايات : [إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة]. ففيه التأويلان جميعا ، أن يكون «ما» بمعنى الذي ، والآخر : لا يورث من كانت حاله هذه. ـ قال أبو عمر ابن عبد البر : واختلف العلماء في تأويل قوله عليهالسلام : [لا نورث ما تركنا صدقة] على قولين : ـ أحدهما ـ وهو قول الأكثر وعليه الجمهور ـ : أنّ النبي لا يورث ، وما ترك صدقة. ـ والآخر : أنّ نبينا عليه الصلاة والسّلام لم يورث ؛ لأن الله تعالى خصّه بأن جعل ماله كله صدقة زيادة في فضله ، كما خصّ في النكاح بأشياء أباحها له ، وحرّمها على غيره. وهذا القول قاله بعض أهل البصرة منهم ابن علية ، وسائر علماء المسلمين على القول الأول. انظر شرح تنقيح الفصول ص ٤٣٧ ، وتفسير القرطبي ١١ / ٨١.