وقال سيبويه : لمّا صارت هذه الكلمة في صفات الله ، على معنى البراءة ، لا يفسر بها في غيره ، بل يفسّر بالعجب منه ومن فخره.
أمّا الإسراء ففي رواية أبي هريرة وحذيفة بن اليمان كان بنفسه في حالة الانتباه (١). وفي رواية عائشة ومعاوية : بروحه حالة النوم.
قالت عائشة : ما فقد جسد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكنّ الله أسرى روحه (٢).
وأوّل الحسن قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ)(٣) بالمعراج. والخطّابي يقول : قد رويت الروايتان بطرق صحيحة ، فالأولى أن نجمع بينهما ونقول :
كان له عليهالسلام معراجان : أحدهما : في النوم ، والآخر باليقظة.
وما في القرآن من تعظيم أمر المعراج والتعجب به ، وما في الأخبار من إنكار قريش حتى أخبرهم بأشياء من بيت المقدس (٤) والقافلة على طريقه إليها (٥) ، كلّ ذلك يدلّ على أنه في اليقظة.
__________________
(١) وهذا قول معظم السلف والمسلمين ، وبه قال : ابن عباس وجابر وأنس وحذيفة وعمر وأبو هريرة وابن مسعود من الصحابة وغيرهم.
(٢) رواه عنها ابن إسحق ، وابن جرير ١٥ / ١٦.
(٣) سورة الإسراء : آية ٦٠.
(٤) أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لما كذّبتني قريش لما أسري بي إلى بيت المقدس ، قمت في الحجر ، فجلّى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه. انظر فتح الباري ٨ / ٣٩١ ، ومسلم ١٧٠ ، وعارضة الأحوذي ١١ / ٢٩٢.
(٥) أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عروة رضي الله عنه قال : قالت قريش لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ لّما أخبرهم بمسراه إلى بيت المقدس ـ : أخبرنا ما ذا ضلّ عنا وائتنا بآية ما تقول. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ضلّت منكم ناقة ورقاء عليها برّ لكم ، فلمّا قدمت عليهم قالوا : انعت لنا ما كان عليها ، ونشر له جبريل عليهالسلام ما عليها كله ينظر إليه ، فأخبرهم بما كان عليها وهم قيام ينظرون ، فزادهم ذلك شكا وتكذيبا.