عن أن يجوز فيها تمويه أو تلبيس.
وما روي في سبب النزول أنّ النبيّ عليهالسلام قرأ : «ومناة الثالثة الأخرى ، تلك الغرانقة الأولى ، وإنّ شفاعتهنّ لترتجى».
إن ثبت ـ وما ينبغي أن يثبت ـ لم يكن فيه ثناء على أصنامهم ، لأنّ مخرج الكلام على زعم المخالف رواية لا على التحقيق والتسليم (١).
وهو في القرآن وفي مذهب العرب شائع ذائع ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)(٢).
أي : نزّل عليه الذكر على زعمه ، وعند من آمن به.
لو كان عند القائل لما كان عنده مجنونا.
وقوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٣).
أي : عند نفسك وفي قولك ، وكما قال بعض شعراء اليمن في هجائه جريرا :
٧٨٤ ـ أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها |
|
أنّي الأغرّ وأني زهرة اليمن (٤) |
فأجابه (٥) :
__________________
(١) قال ابن عطية : وهذا الحديث الذي فيه «هي الغرانيق العلا» وقع في كتب التفسير ونحوها ، ولم يدخله البخاري ولا مسلم ، ولا ذكره ـ في علمي ـ مصنّف مشهور. وقال لقاضي عياض : يكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ، ولا رواه بسند صحيح سليم متصل ثقة ، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون والمولعون بكل غريب ، والمتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم. اه. ـ والذي يبطله ويدحضه قوله تعالى : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ) فهذا شاهد في الآية بعصمة الوحي من تطرق الشيطان.
(٢) سورة الحجر : آية ٦.
(٣) سورة الدخان : آية ٤٩.
(٤) البيت في المسائل العسكريات للفارسي ص ٧٤ ؛ والخصائص ٢ / ٤٦١ ؛ وسر صناعة الإعراب ١ / ٤٠٥ ؛ وهو لزهرة اليمن.
(٥) سقطت من المخطوطة.