ثم قال الحافظ الذهبي :
« قلت : هذه دقة من الأعين ، الذي ظهر من « محمد » أمر خفيف من المسائل التي اختلف فيها الأئمّة في القول في القرآن ، وتسمّى مسألة أفعال التالين. فجمهور الأئمّة والسلف والخلف على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ، وبهذا ندين الله تعالى وندعو من خالف ذلك.
وذهب الجهميّة والمعتزلة والمأمون وأحمد بن أبي داود القاضي وخلق من المتكلّمين والرافضة ، إلى أنّ القرآن كلام الله المنزل مخلوق ، وقالوا : الله خالق كلّ شيء ، والقرآن شيء ، وقالوا : الله تعالى أن يوصف بأنّه متكلّم ، وجرت محنة القرآن وعظم البلاء ، فضرب أحمد بن حنبل بالسّياط ليقول ذلك ، نسأل الله تعالى السّلامة في الدين.
ثم نشأت طائفة فقالوا : كلام الله تعالى منزّل غير مخلوق ولكن ألفاظنا به مخلوقة ، يعنون لفظهم وأصواتهم به ، وكتابهم له ونحو ذلك ، وهم حسين الكرابيسي ومن تبعه ، فأنكر ذلك الامام أحمد وأئمّة الحديث.
وبالغ الامام أحمد في الحطّ عليهم وثبت عنه أنّه قال : اللفظية جهميّة ، وقال : من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ، وقال : من قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع ، وسدّ باب الخوض في هذا.
وقال أيضا : من قال لفظي بالقرآن مخلوق ـ يريد القرآن ـ فهو جهميّ.
وقالت طائفة : القرآن محدث ، كداود الظاهري ومن تبعه ، فبدّعهم الامام أحمد فأنكر ذلك واثبت علم الجزم بأنّ القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وأنّه من علم الله تعالى ، وكفّر من قال بخلقه ، وبدّع من قال بحدوثه ، وبدّع من قال : لفظي بالقرآن قديم ، ولم يأت عنه ولا عن السّلف القول بأنّ القرآن قديم ، ما تفوّه به أحد منهم بهذا ، فقولنا قديم من العبارات المحدثة المبدعة ، كما أنّ قولنا محدث