« ـ وذلك قبل أن يوحى إليه ـ وهو غلط لم يوافق عليه ، فإن الاسراء أقلّ ما قيل فيه أنه كان بعد مبعثه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بخمسة عشر شهرا. وقال الحربي : كان ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقال الزهري : كان ذلك بعد مبعثه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بخمس سنين. وقال ابن إسحاق : أسري به ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل.
وأشبه هذه الأقوال قول الزهري وابن إسحاق ، إذ لم يختلفوا أن خديجة ـ رضي الله عنها ـ صلّت معه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد فرض الصلاة عليه ، ولا خلاف [ في ] أنها توفيت قبل الهجرة بمدة قيل : بثلاث سنين ، وقيل : بخمس.
ومنها : أن العلماء مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الاسراء ، فكيف يكون هذا قبل أن يوحى إليه؟
وأما قوله في رواية شريك : وهو نائم ، وفي الرواية الأخرى ، بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، فقد يحتجّ به من يجعلها رؤية [ رؤيا ] نوم ، ولا حجة فيه إذ قد يكون ذلك حالة أول وصول الملك إليه ، وليس في الحديث ما يدل على كونه نائما في القصة كلّها.
هذا كلام القاضي ـ رحمهالله ـ وهذا الذي قاله في رواية شريك وانّ أهل العلم أنكروها قد قاله غيره.
وقد ذكر البخاري رواية شريك هذه عن أنس ، في كتاب التوحيد في [ من ] صحيحه وأتى بالحديث مطوّلا ، قال الحافظ عبد الحق ـ رحمهالله ـ في كتابه الجمع بين الصحيحين بعد ذكره هذه الرواية : هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك ابن أبي نمر عن أنس ، وقد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى فيه بألفاظ غير معروفة.
وقد روى حديث الإسراء جماعة من الحفّاظ المتقنين والأئمّة المشهورين كابن شهاب وثابت البناني وقتادة ـ يعني عن أنس ـ قال : فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك ، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث. قال : والأحاديث التي