الحافظان الحميدي وابن عبد البر وهذا الحديث
وهذا الحديث قد استنكره ابن عبد البر ، وقال الحافظ أبو عبد الله الحميدي بأنه : « ليس في نسخ البخاري أصلا ، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري ». هذا كلامهما حول هذا الحديث. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال :
« وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه وقال : فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف وإقامة الحدّ على البهائم ، وهذا منكر عند أهل العلم. قال : فإن كانت الطريق صحيحة ، فلعلّ هؤلاء كانوا من الجن ، لأنّهم من جملة المكلّفين. وإنّما قال ذلك لأنّه تكلّم على الطريق التي أخرجها الاسماعيلي فحسب.
وأجيب : بأنه لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم أن يكون ذلك زناء حقيقة ولا حدّا ، وانما أطلق ذلك عليه لشبهه به ، فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان.
وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، فزعم أن هذا الحديث [ وقع ] في بعض نسخ البخاري وأن أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف ، قال : وليس في نسخ البخاري أصلا ، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري.
وما قاله مردود وأما تجويزه أن يزاد في صحيح البخاري ما ليس منه فهذا ينافي ما عليه العلماء ، من الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري في كتابه ، ومن اتفاقهم على أنه مقطوع بنسبته اليه ، وهذا الذي قاله تخيّل فاسد ، يتطرّق منه عدم الوثوق بجميع ما في الصحيح ، لأنه إذا جاز في واحد بعينه ، جاز في كل فرد فرد ، فلا يبقى لأحد الوثوق بما في الكتاب المذكور ... » (١).
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ١٢٧.