مع أن حديث « لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاث كذبات » من مرويات الشيخين « ولا شك أن صون إبراهيم عن الكذب ، أولى من صون طائفة من المجاهيل [ البخاري ومسلم ورواة الحديث ] عن الكذب » ... نعم لا شك في ذلك ... وإليك نص الحديث في الكتابين الصحيحين :
قال البخاري : « حدثنا سعيد بن تليد الرعيني ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، [ قال : ] قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاثا ...
حدثنا محمد بن محبوب ، ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : لم يكذب إبراهيم [ عليهالسلام ] إلاّ ثلاث كذبات ، ثنتين منهنّ في ذات الله عزّ وجلّ : « ( إِنِّي سَقِيمٌ ) » وقوله : « ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) ».
وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ اتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إنّ هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل اليه فاسأله [ فسأله ] عنها ، فقال : من هذه؟ قال : أختي ، فأتى سارة فقال : يا سارة! ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني فأرسل إليها ، فما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرّك فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها ثانية فأخذ مثلها أو أشد ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت
__________________
إلى الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ فحينئذ لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلاّ زنديق » ج ٢٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.
وقال بتفسير ( إِنِّي سَقِيمٌ ) : « الوجه السابع : قال بعضهم : ذلك القول عن إبراهيم ـ عليهالسلام كذبة ، ورووا فيه حديثا عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنه قال : ما كذب ابراهيم إلاّ ثلاث كذبات.
قلت لبعضهم : هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل ، لأنّ نسبة الكذب إلى إبراهيم لا تجوز. فقال ذلك الرجل : فكيف يحكم بكذب الرواة العدول؟
فقلت : لما وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبته إلى الخليل ـ عليهالسلام ـ كان من المعلوم بالضرورة ، أن نسبته إلى الراوي أولى » ج ٢٦ / ١٤٨.