مجروحا ، وصارا بسبب روايتهما عنه مجروحين. وإن كانت رواية أحمد عن الشافعي جائزة ، سقط السؤال.
الثالث : إنهما ما كان عالمين بجميع المغيبات ، وذلك فإن البخاري روى عن أقوام ما روى عنهم مسلم ، ومسلما روى عن أقوام لم يرو عنهم البخاري ، فدلّ على أنهما إذا تركا الرواية عن رجل لم يوجب ذلك قدحا فيه ، وكيف وأبو سليمان الخطابي أورد مؤاخذات كثيرة على صحيح البخاري ، في كتاب سماه بأعلام الصحيح؟
الرابع : إن ما ذكرتم معارض بأن أبا داود السجستاني روى عن الشافعي حديث ركانة ابنة عبد يزيد في الطلاق ، وكذلك روى عنه أبو عيسى الترمذي وعبد الرحمن بن أبي حاتم ومحمد بن إسحاق بن خزيمة. ولا شك في علو شأن هؤلاء في الحديث.
الخامس : إنهما ما طعنا في الشافعي ، بل ذكراه بالمدح والتعظيم ، وترك الرواية لا يدل على الجرح ، وأما المدح والتعظيم فانه دليل التعديل.
السادس : إن كان تركهما الرواية عنه يدل على ضعفه ، فالطعن الشديد على أبي حنيفة المنقول عن الأعمش والثوري ، وجب أن يدل على الوهن العظيم فيه ، وكذلك طعن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد. فإن لم تؤثر هذه التصريحات ، فكذا القول فيما ذكرتم » (١).
أقول :
ما أشبه قضية استدلال الرازي بترك البخاري ومسلم رواية حديث الغدير للقدح فيه ، باستدلال الطاعنين في الشافعي بتركهما الرواية عنه ... فلنسأل الرازي هل نسي هذه الوجوه في قضيتنا ، فكما أن الترك هناك لا يدل على الجرح فكذلك هنا.
__________________
(١) مناقب الشافعي ، في البحث عما طعن به في الشافعي.