خلكان واليافعي في تاريخيهما.
وأخيرا ، فإن الاعتماد على الجاحظ في الروايات والأخبار ، والدفاع عنه ونفي عداوته للإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ، وتنزيهه عمّا نسب اليه ، يؤدّي إلى وقوع أهل السنة في إشكال قوي يصعب بل يستحيل التخلّص منه ...
وبيان ذلك : انه قد ثبت أن الجاحظ كان يتبع شيخه إبراهيم النظّام في جميع أقو اله وآرائه وما كان يدين به ... وقد ثبت أيضا أن النّظام كان يعتقد بإسقاط عمر بن الخطاب جنين فاطمة الزهراء ـ عليهاالسلام ـ وبغير ذلك من الأمور التي لا يرتضيها أهل السنة عامة ... كما جاء في ترجمته من كتاب ( الوافي بالوفيات ).
وقد صرح باقتفاء الجاحظ أثر النّظام في جميع مقالاته جماعة من الأعلام كاليافعي وابن الوردي وابن خلكان.
فلو جاز للفخر الرازي أن يستدل بترك الجاحظ رواية حديث الغدير ـ أو قدحه فيه ـ جاز للامامية الاستدلال بكلام شيخه النظّام في باب الطعن في عمر ابن الخطاب وخلافته ...
ولقد اعتمد ( الدهلوي ) تبعا لابن حزم على كلام النظّام في الطعن في مؤمن الطاق ـ رحمهالله تعالى ـ وهكذا استشهد الحافظ ابن حجر في ( لسان الميزان ) بأشعار النظّام التي أنشدها في ذمّ أبي يوسف يعقوب بن ابراهيم القاضي ـ تلميذ أبي حنيفة ـ على قبره.
فإن قيل : ذمّ النظام أبا يوسف القاضي غير مسموع ، لذمّ العلماء النظّام وقدحههم فيه ، كما في ( الأنساب ) و ( لسان الميزان ) و ( الوافي بالوفيات ) وغيرها ...
قلنا : إن هذا إنّما يتوجه فيما إذا لم يركن العلماء إلى أقواله ، ولم يعتمد المحدّثون على مقالاته ، ولم يبذلوا قصارى عهدهم في الدفاع عن تلميذه