ثم إنّ الشريف الرضي ما وصف الجاحظ إلاّ بالمهارة والنقد ، ومجرّد كون الرجل ماهرا ناقدا لا يدل على عدم العداوة ، وإنما وصف الشريف الرضي الجاحظ بذلك لغرض إلزام المنكرين وإفحام المخالفين ، من حيث أنهم يعتقدون بمهاره الجاحظ ونقده ، ومكانته في معرفة الكلام ...
هذا ، وما ذكره الرشيد الدهلوي في حق الجاحظ ، معارض بما ذكروه بترجمة الحافظ ابن خراش ـ مع وصفه بالحفظ وسعة الاطلاع والنقد ـ من أنّه خرّج مثالب الشيخين وأبطل حديث : ما تركناه صدقة. قال الحافظ السيوطي :
« ابن خراش الحافظ البارع الناقد ، أبو محمد عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش المروزي البغدادي. قال أبو نعيم [ بن عدي ] : ما رأيت أحفظ منه.
وقال أبو زرعة : كان رافضيا ، خرج مثالب الشيخين في جزءين وأهداهما إلى بندار ، فأجازه بألفي درهم ، بنى له بها حجرة فمات إذ فرغ منها.
قال عبدان : قلت له : حديث « ما تركنا صدقة »؟ قال : باطل. قال : وقد روى مراسيل [ وصلها ] ومواقيف رفعها.
مات سنة ٢٨٣ » (١).
وترجم له الحافظ الذهبي قائلا : « عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ ( فأورد ما تقدم. فقال ) : قلت : والله هذا هو الشيخ المغتر الذي ضلّ سعيه ، فإنه كان حافظ زمانه ، وله الرحلة الواسعة والاطلاع الكثير والإحاطة وبعد هذا فما
__________________
(١) طبقات الحفاظ / ٢٩٧.