خطبته المشهورة في الفتح فانتهى إلى قوله : إنّ مكة حرام ، حرّمها الله يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ـ إلاّ الأذخر يا رسول الله. فأطرق رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وقال : إلاّ الأذخر.
ومثل : ما روي من تشفيعه له في مجاشع بن مسعود السلمي ـ وقد التمس البيعة على الهجرة بعد الفتح ـ فأجابه إلى ذلك.
ومثل : ادعائه سبقه الناس إلى الصلاة على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عند وفاته.
وتعلّقه بحديث الميراث ، وحديث اللدود.
إلى غير ما ذكرناه مما هو مسطور في كتابه.
ومن تصفحه علم أن جميع ما اعتمده لا يخرج عما حكمنا فيه بخلوّه من الاشارة إلى نص أو دلالة ، وقد علمنا عادة الجاحظ فيما ينصره من المذاهب ، فإنه لا يدع غثّا ولا سمينا ، ولا يغفل عن إيراد ضعيف ولا قوي ، حتى أنه ربما خرج إلى ادعاء ما لا يعرف. فلو كان لمن ذهب إلى مذهب العباسية خبر ينقلونه يتضمن نصا صريحا على صاحبهم ، لما جاز أن يعدل عن ذكره مع تعلّقه بما حكينا بعضه ، واعتماده على أخبار آحاد أكثرها لا يعرف » (١).
وأما قول رشيد الدين الدهلوي : « وإنما يترتب على هذا الرأي حرمان أحب الأحباب ، وانتقال الميراث إلى غير المحبوب ».
فتوجيه لمقالة الجاحظ ، وفيه ما لا يخفى.
وأما قوله : « فصاحب هذا الزعم ... فاعتبروا يا أولي الألباب » فيتضمن وجهين للدفاع عن الجاحظ :
الأول : إنما قال ذلك ليتقرّب إلى المأمون العباسي ، لا عداوة لأمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ.
__________________
(١) الشافي في الامامة / ٩٨ ـ ٩٩.