وقال الذهبي بترجمة أبي زرعة الرازي : « يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل يبين عليه الورع والخبرة ، بخلاف رفيقه أبي حاتم فإنّه جراح » (١).
وقال الذهبي بترجمة أبي ثور الكلبي : « إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي ، أحد الفقهاء الأعلام ، وثّقه النسائي والناس ، وأما أبو حاتم فتعنت وقال : يتكلّم بالرأي فيخطئ ويصيب ، ليس محلّه محلّ المستمعين في الحديث. فهذا غلو من أبي حاتم سامحه الله.
وقد سمع أبو ثور من سفيان بن عيينة ، وتفقه على الشافعي وغيره ، وقد روي عن أحمد بن حنبل أنه قال : هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري.
قلت : مات سنة ٢٤٠ ببغداد وقد شاخ » (٢).
لقد تقدّم سابقا أنّ أبا حاتم الرازي من جملة المحدّثين الذين طعنوا وقدحوا في محمّد بن إسماعيل البخاري وكتابه المعروف بالصّحيح ، فمن العجيب ذكر الرازي إيّاه فيمن قدح في حديث الغدير ، لا سيّما مع ثبوت كونه جرّاحا متعنّتا ، وأنّه كان كثير الجرح والقدح في الرجال من غير دليل.
وإذا كان جمهور أهل السنة لا يعبئون بقدحه في البخاري ، فإن الشيعة والمنصفين من العلماء لا يعبئون بقدحه في هذا الحديث ، ولا يصغون إلى اعتماد الفخر الرازي على ذلك ، فإنه ليس إلاّ تعنتا وتعصبا مقيتا ...
بل لقد نقل عن بعضهم اللعنة على من تكلّم في البخاري فقد قال السبكي : « وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف : محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وغيرهما بعشرين درجة ، ومن
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨١.
(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٢٩.