وهذا أدل دليل على بطلان الحديث الذي تمسك به الفخر الرازي ، وعلى بطلان استدلاله به على فرض صحته ...
بل زعم الرازي نفسه أن أداة الحصر قد لا تدل على الحصر ، فقد قال في تفسير آية الولاية الدالة على إمامة علي ـ عليهالسلام ـ :
« أما الوجه [ الأول ] الذي عوّلوا عليه وهو : إن الولاية المذكورة في الآية غير عامة ، والولاية بمعنى النصرة عامة ، فجوابه من وجهين :
الأول : لا نسلّم أن الولاية المذكورة في الآية غير عامة ، ولا نسلم أنّ كلمة « إنما » للحصر ، والدليل عليه قوله تعالى : ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ) ولا شك أن الحياة الدنيا لها أمثال أخرى سوى هذا المثل ... » (١).
أقول : ولو تم ما ذكره الرازي حول هذه الآية ، لأمكننا القول بعدم دلالة « ليس » و « دون » المذكورين في الحديث المزعوم على الحصر ، وحينئذ يمتنع معارضة حديث الغدير المتواتر بهذا الحديث.
ومع التنزل عن جميع ما تقدم من وجوه الجواب عن حديث أبي هريرة نقول : كيف يعارض حديث الغدير بهذا الحديث ولا تنافي بينهما!؟
وبيان ذلك : إن الفقرة الأولى من الحديث تفيد كون هذه القبائل موالي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بأيّ معنى كان من المعاني ـ وذلك لا ينافي ولاية أمير المؤمنين ، عليه الصلاة والسلام.
وأما الفقرة الثانية ـ والظاهر أنها ـ محل الاستدلال لوجود أداة الحصر فكالفقرة الأولى ، لأنّ المراد من ولاية الله ورسوله إن كان ما عدا التصرف في الأمور فلا تناقض بين حديث أبي هريرة وحديث الغدير ، إذ أنّ معنى « مولى » في
__________________
(١) التفسير الكبير ١٢ / ٣٠.