المحدث الفقيه في الجانب الغربي وله نيف وثمانون سنة ، وكان صدوقا عالما فصيحا جوادا عفيفا زاهدا عابدا ناسكا ، وكان مع ذلك ضاحك السنّ ظريف الطّبع ولم يكن معه تكبّر ولا تجبّر ، يمازح مع أصدقائه بما يستحيى منه ويستقبح من غيره » (١).
قال : « ويروى أن ابراهيم لما صنّف غريب الحديث وهو كتاب نفيس كامل في معناه ، قال ثعلب : ما لإبراهيم وغرائب الحديث ، رجل محدث ، ثم حضر مجلسه فلما حضر المجلس سجد ثعلب وقال : ما ظننت أن على وجه الأرض مثل هذا الرجل » (٢).
هذا ، ولم ينقل الذهبي عن الحربي أنه أنكر على ثعلب سجوده له ، فهو إذا يجوّز السجود لغير الله تعالى ، وهذا أيضا من مساويه وقبائحه.
ومن مساويه طعنه في علي بن المديني ـ شيخ البخاري ـ إذ قال الذهبي : « قال أبو بكر الشافعي : سمعت إبراهيم الحربي يقول : عندي عن علي بن المديني قمطر ولا أحدّث عنه بشيء ، لأنّه رأيته في المغرب وبيده نعله مبادرا ، فقلت : إلى أين؟ قال : ألحق الصلاة مع أبي عبد الله ، فظننته يعني أحمد بن حنبل ، ثم قلت : من أبو عبد الله؟ قال : ابن أبي داود » (٣).
وهذا لا يكون إلاّ من التعنت ...
ولا بأس بنقل كلمات أساطين أهل السنة في الثناء على بن المديني ليتضح سقوط كلام الحربي ومدى انهماكه في التعصب المقيت :
قال النووي : « علي بن المديني الامام ... أحد أئمّة الإسلام المبرزين في الحديث. صنف فيه مائتي مصنف لم يسبق الى معظمها ولم يلحق في كثير منها ، سمع أباه وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة ويحيى القطان وخلائق. روى عنه معاذ ابن معاذ وأحمد بن حنبل والبخاري وخلائق من الأئمّة ، وأجمعوا على جلالته وإمامته
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٤.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦١.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٩.