وسلّم بين يدي الرشيد إلاّ قال : صلّى الله على سيّدي.
وحدّثته بحديثه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : وددت أني أقاتل في سبيل الله ، فأقتل ثم أحيي فأقتل : فبكى حتى انتحب.
وحدّثته يوما حديث : احتج آدم وموسى. وعنده رجل من وجوه قريش فقال القرشي : فأين لقيه؟ فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف ، زنديق يطعن في حديث النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ!! قال أبو معاوية : فما زلت أسكنّه وأقول يا أمير المؤمنين كانت منه بادرة ، حتى سكن » (١).
أقول : وإذا كان قول الرجل في حديث إحتجاج آدم وموسى « فأين لقيه » دليل الكفر واستحقاق القتل والعقاب ، فإنّ إنكار الرازي واهتمامه في إبطال حديث الغدير يستوجب ذلك بالأولوية القطعية.
وقال الذهبي : « وقال الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل ، قال : بلغ ابن أبي ذئب أنّ مالكا لا يأخذ بحديث البيّعان بالخيار ، فقال : يستتاب فإن تاب وإلاّ ضربت عنقه. قال أحمد : ومالك لم يرد الحديث لكن تأوّله » (٢).
أقول : وظاهر كلام أحمد في هذا المقام ، استحقاق مالك القتل إن كان قد ردّه ردّ إنكار ولم يتب ، وإذا كان هذا حكم ردّ حديث من أحاديث النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حتى ولو كان الراد ـ مالك بن أنس على جلالته وعظمته ، فإنّ منكر حديث الغدير ، وهو أجلّ من حديث البيّعان بالخيار من جميع الجهات ، يستحقّ الحكم المذكور ـ إن لم يتب ـ بالأولوية القطعية.
وقال ابن قيّم الجوزيّة ـ بعد حديث طويل رواه عن عبد الله بن أحمد بن حنبل في ذكر قدوم وفد بني المنتفق ـ : « هذا حديث كبير جليل ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة لا يعرف إلاّ من حديث
__________________
(١) تاريخ الخلفاء ١ / ١١١.
(٢) تذهيب التهذيب ـ مخطوط.