فإن أريد به الضرر الشخصيّ كان بناء كثير من هذه الأبواب التي سبق عرضها عليها في غير موضعه ؛ لعدم استلزامها الضرر الشخصيّ كالشفعة مثلا ، وأكثر أبواب الخيارات ؛ لابتنائها على الضرر النوعيّ ، لا الشخصيّ ؛ لوضوح أنّه لا يلزم من عدم تشريع الشفعة وبعض الخيارات ضرر لجميع الأشخاص ؛ إذ لا يلزم من بيع الشريك دون إذن شريكه ضرر عليه دائما ، فربما يكون المشتري الجديد أفضل من سابقه فلا يدخل عليه الضرر ، وهكذا في أكثر الخيارات.
وإن أريد به الضرر النوعيّ لزم نفي التكاليف عن غير المتضرّر إذا كان لازما لنوع الناس ، وربّما وقف الاستدلال بالقاعدة على كثير من الأبواب أو المسائل الفقهية التي جعل الفقهاء المدار للضرر الشخصي ، لا النوعي ، كأبواب الوضوء والغسل والصوم.
الرأي المختار
والتحقيق أنّ الضرر الوارد في لسان القاعدة ـ كما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع وكونها واردة مورد الامتنان ـ يقتضي أن يكون المراد به الضرر الشخصيّ ؛ إذ ليس من المنّة على المكلّف غير المتضرّر من قبل امتثاله لحكم الشارع ، أن ينفي عنه الحكم ، لا لشيء إلّا لأنّ غيره يتضرّر. (١)
هذا بالإضافة إلى أنّ مقتضى ما استفدناه من حكومة هذه القاعدة على الأدلّة الأوّلية يقتضي ذلك ٢ ـ فالأدلّة المتعرّضة لأحكام الشارع الأوّلية ـ كأدلّة وجوب الصلاة ، والصوم ، والحج ، وغيرها ... واردة مورد العموم الاستغراقي ، ومقتضاه انحلاله إلى تكاليف متعدّدة بتعدّد من ينطبق عليهم موضوع التكليف. فكأنّ الشارع وجّه
__________________
١ ـ انظر : فرائد الأصول ٢ : ٤٦٦ ، ومنية الطالب ٣ : ٤٢٣ ، وقاعدة «لا ضرر ولا ضرار» لشيخ الشريعة الأصفهاني : ٤٥ ، ومنهاج الأصول ٣ : ٢٥٧ ، ومصباح الأصول ٢ : ٥٣٤ ، والقواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢٣٧.
٢ ـ منية الطالب ٣ : ٤٢٣.