والإزالة لا تكون عادة إلّا إذا فرض وجود الضرر ابتداء ، فهي ناظرة إلى رفع وجوده بعد حدوثه ، لا دفعه. (١)
والقاعدة وإن وردت بصيغة الجملة الخبريّة ، إلّا أنّ المراد بها الإنشاء ؛ إذ لا معنى لإخبار الشارع أنّ الضرر إذا وجد فسوف يوجد من يرفعه ؛ لبداهة أنّ ذلك ليس من وظيفته باعتباره مشرّعا ؛ لأنّ وظيفة المشرّع منحصرة بإثبات أو نفي ما يدخل في نطاق تشريعاته ، كما سبقت إليها الإشارة في حديث (لا ضرر).
يضاف إلى ذلك كذب مثل هذا الخبر ـ لو أمكن صدوره عنه ، وهو منزّه عنه ـ لأنّ الضرر الحادث للناس لا يحصل دائما من يزيله ؛ ليقال بأنّه يزال.
فإذا مثل هذا الخبر لا يصلح حمله على ظاهره ، فلا بدّ أن يراد به الإنشاء ، فيكون مفاده مفاد أمر من الشارع بإزالة الضرر عن المتضرّر وإن عبّر عنه بلسان الإخبار. ونظيره كثير في مجالات التعبير عن الأحكام الشرعية.
حجيّتها
وعمدة ما استدلّ به لهذا النصّ هو بناؤه على حديث «لا ضرر».
يقول السيوطي وهو يتحدّث عن هذه القاعدة : أصلها قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار» (٢) ، ومثله ما ذكره ابن نجيم. (٣)
ويقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء وهو يفرّع على بعض الأمثلة التي سيقت لتطبيق قاعدة (لا ضرر) : «فالضرر يزال بقاعدة لا ضرر» (٤) ، وكان منشأ الاستدلال عليها بحديث (لا ضرر) هو ما استفيد من الحديث من نفي الضرر حدوثا وبقاء. يقول
__________________
١ ـ انظر : المدخل الفقهي العام ٢ : ٩٩٣.
٢ ـ الأشباه والنظائر ١ : ٢١٠.
٣ ـ الأشباه والنظائر : ٨٥.
٤ ـ تحرير المجلّة ١ : ١٤٢.