بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١).
دلّت هذه الآية على أنّ منشأ التخفيف بالنسبة إلى المسافر والمريض هو إرادة اليسر وعدم إرادة العسر ؛ وبخاصة أنّها واردة في مقام التعليل ، وكشف السرّ عن إسقاط الأمر الأوّلي بالصوم ؛ لوجود طارئ : كالمرض أو السفر ، وفرضت القضاء ، كلّ ذلك تخفيفا على المكلّفين ؛ لأنّ الله تعالى بلطفه ورحمته لم يرد بأحد عسرا ، فالتكاليف التي ينشأ منها على المكلّفين عسر وضيق ليست مرادة لله تعالى ؛ تخفيفا منه ومنّة ورحمة.
والأخذ بعموم التعليل يدلّ على تعميم القاعدة لمختلف الأحكام الشرعية.
حجّيتها من السنّة النبوية الشريفة
أمّا حجّيتها من السنّة النبوية فقد وردت عدّة روايات بعضها بلسان القاعدة منها :
(١) ما جاء في تفسير البرهان عن مسعدة بن زياد قال : حدّثني جعفر عن أبيه عن آبائه عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال :
«بما أعطى الله أمّتي وفضّلهم على سائر الأمم ، أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلّا نبيّ ، وذلك أنّ الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له : اجتهد في دينك ولا حرج عليك ، وأنّ الله تبارك وتعالى أعطى أمّتي حيث يقول : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ...)(٢) ، يقول : من ضيق ...» (٣) الحديث.
(٢) وفي مسند أحمد : أخبرني سعيد أنّه سمع حذيفة بن اليمان يقول : غاب عنّا رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما فلم يخرج ، حتّى ظننّا أنّه لن يخرج ، فلمّا خرج سجد سجدة
__________________
١ ـ البقرة : ١٨٥.
٢ ـ الحج : ٧٨.
٣ ـ البرهان في تفسير القرآن ٣ : ٩١١.