فظننّا أنّ نفسه قد قبضت منها ، فلمّا رفع رأسه قال :
«إنّ ربّي تبارك وتعالى استشارني في أمّتي ما ذا أفعل بهم؟ ...» إلى أن يقول : «وطيّب لي ولأمّتي الغنيمة ، وأحلّ لنا كثيرا ممّا شدّد على من قبلنا ، ولم يجعل علينا من حرج». (١)
(٣) وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة : أنّ أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلىاللهعليهوآله جالس ، فصلّى ـ قال ابن عبده ـ ركعتين. ثمّ قال : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «لقد تحجّرت واسعا» ، ثمّ لم يلبث أن بال في ناحية المسجد ، فأسرع الناس إليه ، فنهاهم النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : «إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين ، صبّوا عليه سجلا من ماء ، أو ذنوبا من ماء». (٢)
(٤) وفي معجم الطبراني عن أسامة بن شريك قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجّة الوداع وهو يقول : «أمّك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثمّ أدناك» ، قال : فجاء قوم فقالوا : يا رسول الله قتلنا بني يربوع ، قال : «لا تجني نفس على أخرى» قال : ثمّ سأله رجل نسي أن يرمي الجمار ، قال : «ارم ولا حرج» ثمّ أتاه آخر فقال : يا رسول الله نسيت الطواف ، فقال : «طف ولا حرج» ثمّ أتاه آخر فقال : حلقت قبل أن أذبح ، قال : «اذبح ولا حرج» قال : فما سألوه يومئذ عن شيء إلّا قال : «لا حرج ، لا حرج» ثم قال : «أذهب الله عزوجل الحرج ، إلّا رجل اقترض مسلما ، فذلك الذي حرج وهلك ...». (٣)
هذه الروايات ـ ونحوها مثلها ـ واضحة الدلالة على حجّية القاعدة ، ولا نريد أن نقف عند أسانيدها ودلالاتها لاشتهارها من جهة ، ولوضوح دلالاتها على الحجّية من
__________________
١ ـ مسند أحمد ٦ : ٥٤٤ حديث حذيفة بن اليمان ح ٢٢٨٢٥.
٢ ـ سنن أبي داود ١ : ٩٤ كتاب الطهارة ، باب (١٣٧) في الأرض يصيبها البول ح ٣٨٠.
٣ ـ المعجم الكبير ١ : ١٨٥ ح ٤٨٤.