هنالك من أقوال لا تعكس أكثر من اختلافهم في تحديد هذا المصطلح ، تبعا لاختلافهم في مقدار ما ثبتت له الحجّية من ذلك الاتّفاق. (١)
لذلك لا نرى وجها لالتماس تحديد المراد من هذه اللفظة كمصطلح عامّ ، بعد أن كانت لا تتولّى الحكاية عن مضمون موحّد ، فلا معنى للإشكال على تعاريفهم بعدم الاطّراد والانعكاس.
وقد استدلّوا على حجّيته بالأدلّة الثلاثة : الكتاب ، والسنّة ، والعقل ، وأقصوا الإجماع لانتهائه إلى الدور. (٢)
وقد عرضنا أدلّتهم وما يرد عليها في كتابنا (الأصول العامّة للفقه المقارن). (٣)
ومن هذا العرض لهذه الأدلّة يتّضح : أنّ الحجّية منوطة بإجماع الأمّة ، لا الصحابة ، ولا أهل المدينة ، ولا أهل الحرمين ، ولا مجموع المجتهدين ، ولا أهل المصرين ، فتخصيص غير الأمّة بالحجّية على أيّ دعوى من هذه الدعاوى لا يتّضح له وجه ، وليس عليه دليل.
نعم ؛ ما ذهب إليه القائلون باكتشاف رأي المعصوم من دخوله ضمن المجمعين لا يعيّن الأمّة جميعا ، بل يكفي منها ما يعتقد فيه بدخول المعصوم. (٤)
__________________
١ ـ انظر الأقوال في متعلّق الإجماع : الإحكام لابن حزم ١ : ٥٥١ ـ ٥٥٢ ، والإحكام للآمدي ١ : ١٩٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، والعدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٠٢ ، والتلخيص في أصول الفقه ٣ : ١١٣ ـ ١٢٣ ، وأصول السرخسي ١ : ٣١٠ ـ ٣١٥ ، والمستصفى ١ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، والمحصول ٤ : ١٧٤ ـ ١٧٥ ، وشرح المعالم في أصول الفقه ٢ : ١٠٩ ، ونفائس الأصول ٣ : ٤٢٠ ، ومنهاج الوصول : ١٢٧ ـ ١٢٩.
٢ ـ راجع مبحث حجّية الإجماع في : العدّة في أصول الفقه ٢ : ٦٠١ ـ ٦٠٢ ، وإحكام الفصول ١ : ٤٤١ ـ ٤٤٣ ، وأصول السرخسي ١ : ٢٩٦ ـ ٣٠٠ ، والمستصفى ١ : ٣٢٧ ـ ٣٣٩ ، وميزان الأصول : ٤٩٤ ـ ٤٩٦ ، والمحصول ٤ : ٣٥ ـ ١٠١ ، وشرح المعالم في أصول الفقه ٢ : ٥٥ ـ ٩٠ ، وتهذيب الوصول : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
٣ ـ لمزيد من الاطّلاع راجع مبحث الإجماع في هذا الكتاب صفحة ٢٤٥ ـ ٢٥٧.
٤ ـ وهذا هو رأي الإمامية في الإجماع ، يقول العلّامة الحلي : «الإجماع إنّما هو حجّة عندنا لاشتماله على