السابقة ، والخضوع لما تدعو إليه الحجّة عند المقارنة ، سواء وافق ما تدعو إليه ما يملكه من آراء سابقة أم خالفها (الأصول العامّة للفقه المقارن : ١٢) ؛ لأنّه من دون ذلك سوف يجد الباحث نفسه في صراع مع ما كان يمتلكه من آراء سابقة ، ومع المنهج المقارن الذي يفترض أن يكون البحث فيه مبنيا على أساس الموضوعية.
وكان يشترط رحمهالله للموضوعية أن يكون النظر في البحث المقارن مبتنيا على بحث الأصول والمباني العامّة ـ التي كان يرتكز عليها المجتهدون في استنباطهم للأحكام ـ على أساس من المقارنة (الأصول العامّة للفقه المقارن : ١٦) ، وإلّا لا يمكن أن يكون البحث المقارن موضوعيا ؛ لأنّه سوف ينطلق من أفكار وآراء سابقة في تلك الأصول والمباني ، ويبني أساس أحكامه عليها ، ممّا يعني فقدان المنهج المقارن لقيمته العلمية ، وعدم وصوله إلى نتائج حقيقية.
ولقد كان العلّامة الحكيم موفّقا لتحقيق تلك الموضوعية في منهجه المقارن في كتابه الأوّل (الأصول العامّة للفقه المقارن) وكذلك في هذا الكتاب الذي بنى منهجه على أساس الأخذ من آراء المذاهب الإسلامية كافّة ، فأخذ من السيوطي الشافعي المتوفّى سنة ٩١١ ه ، ومن ابن نجيم الحنفي المتوفّى سنة ٩٧٠ ه ، ومن الطوفي الحنبلي المتوفّى سنة ٧١٦ ه ، كما أخذ من القرافي المالكي المتوفّى سنة ٦٨٤ ه.
وفي الوقت الذي تناول أحاديث من سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله واردة في صحيح البخاري وصحيح مسلم ، استقى أحاديث من سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن أهل بيته الطاهرين واردة في الكافي وتهذيب الأحكام.
كلّ ذلك يدعم منهجه الموضوعي المقارن للفقه الإسلامي بين المذاهب كافّة ، ويجعل منه المنهج الصحيح والأفضل في البحوث المقارنة.
٢ ـ معرفة أسباب الخلاف : لكي ينتج المنهج المقارن ثماره لا بدّ للباحث في هذا