وكان الغرض من إيجاد هذا المنهج المقارن هو : الدخول إلى المدارس الفقهية والأصولية عند المذاهب الإسلامية والاطّلاع عليها من كثب ، ونكون بذلك قد ابتعدنا عن الخطأ في نسبة الآراء الفقهية أو الأصولية إلى مذهب من المذاهب.
مضافا إلى أنّ هذا المنهج يساعد على إثراء الفكر ، ويفتح أبواب التلاقح الفكري بين المذاهب الإسلامية على مستوى الفقه وأصوله وقواعده ، ممّا يهيّئ المناخ المناسب المساعد على تجذير الوعي الفكري والموضوعي للآراء والأفكار ، بعيدا عن أيّ موقف تعصّبي سلبي سابق تجاه المذهب الآخر.
وللمنهج المقارن شروط وضوابط يجب توفّرها فيه ؛ لكي يثمر في تحقيق الأهداف المرجوّة منه ، وهذه الشروط يلخّصها العلّامة الحكيم فيما يلي :
١ ـ الموضوعية : لا بدّ للمنهج المقارن من تحقّق شرط الموضوعية في تمحيص الآراء والأفكار المختلفة ، ومن دون ذلك لا يكون منهجا علميا ، ولا يحقّق الأهداف المرجوّة منه.
وعلى هذا الأساس كان يتعامل العلّامة الحكيم مع المدارس والأفكار الأخرى ، وابتعد كثيرا عن الإيحاء إلى مذهب صاحب الرأي الفقهي أو الأصولي ، وبالأخصّ فيما يتعلّق بالمباحث الخلافية ، كالقياس والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وفتح الذرائع وسدّها ، والإجماع ؛ اعتمادا على التثبّت من نسبة رأي أو فكرة ما إلى جماعة أو مذهب أو مدرسة ما.
ويعتبر من الظلم أن نفترض لأنفسنا آراء سابقة فيها ، ثمّ نحاول أن نجعلها منطلقا للمقارنة ، أو أن نصدر الحكم على أساسها ، من دون أن نتعرّف وجهات نظر الآخرين فيها ، وربّما كان الحقّ معهم في الكثير منها.
واشترط في الباحث أيضا أن يكون متحرّرا ومهيّأ نفسيا للتحلّل من رواسبه