وبذلك يكون قد شكّل الملامح الرئيسة لعلم القواعد الفقهية ، فهو أعطى القاعدة الفقهية تعريفا جامعا مانعا ، تعريفا يشتمل على الشروط المهمّة التي يجب تحقّقها عند أصحاب المنطق في التعريف ، وحدّد لنا بشكل واضح موضوع علم القواعد الفقهية ، الذي يمتاز به من سائر العلوم ، والغاية التي من أجلها دوّن هذا العلم ، وبذلك يتكوّن لنا علم ثالث لا يقلّ أهمّية عن أخويه : علم الأصول ، وعلم الفقه الاستدلالي.
المنهج المقارن عند العلّامة الحكيم
والمنهج الذي يعتمده العلّامة قدسسره في دراسة القواعد الفقهية هو تقسيم تلك القواعد إلى قسمين على أساس التقسيم المعمول به في علم الأصول : من تقسيم الحكم الشرعي إلى حكم واقعي يكون ثابتا للشيء بما هو في نفسه ، وحكم ظاهري يكون ثابتا للشيء بما أنّ حكمه الواقعي مجهول. فقسّم القواعد الفقهية إلى قواعد واقعية وظاهرية ، وكان من مصاديق الأولى قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وما لابسها من القواعد ، وقاعدة (نفي العسر والحرج) وما لابسها من القواعد ، وقاعدة (إنّما الأعمال بالنيّات) وما لابسها من القواعد. ومن مصاديق الثانية قاعدة (الصحّة) وقاعدة (الفراغ والتجاوز).
ولا بدّ من التنبيه على أنّ الكتاب الذي بين أيدينا يقتصر البحث فيه على القسم الأوّل من القواعد الفقهية ، وهي القواعد الواقعية.
واتّسم هذا المنهج بأسلوب البحث المقارن الذي يجمع في طيّاته الآراء والأفكار التي تنتمي إلى كافّة المذاهب الإسلامية الأخرى ، ويستوعب الاختلافات الناجمة عن الاجتهاد وتبدّل الرأي ، والاختلاف في فهم النصوص وتقييم الأدلّة.
وهذه هي المحاولة الثانية له لدراسة الفقه المقارن ، بعد المحاولة في بحث أصوله في كتابه (الأصول العامّة للفقه المقارن).