باستعمالها في الأساس المعنوي بدلا من الأساس المادّي المنصوص عليه في كتب اللغة ، لأنّ الفقه ـ وهو من الأمور المعنويّة ـ لا بدّ أن يقوم على أسس معنوية لتصحّ إضافتها إليه.
القاعدة اصطلاحا
والذي يبدو أنّ هذا التجوّز في استعمال القاعدة هنا تحوّل على أيدي الفقهاء إلى مصطلح يحمل دلالة محدودة ، كما يظهر ذلك من تعاريفهم للقواعد الفقهية في المظانّ التي تذكر فيها هذه القواعد. (١)
وقد حاولنا أن نعرض لبعض هذه التعاريف بشيء من الحديث تمهيدا لما انتهينا إليه من تحديد لما يجب أن يحمل هذا المصطلح من دلالة يخيّل إلينا أنّ الفقهاء الّذين تحدّثوا في هذا المجال كانوا يحومون حولها بالذّات ، وإن لم تف تعاريفهم التي اطّلعنا عليها بذلك.
وقد اخترنا من تعاريفهم نموذجين أحدهما قديم والآخر حديث.
تعريف الحموي للقاعدة الفقهية
فالحموي ـ وهو من أعلام الفقهاء القدامى ـ عرّف القاعدة الفقهية في حاشيته على الأشباه بأنّها : «حكم أغلبيّ ينطبق على معظم جزئياته» (٢).
وكأنّ المعرّف إنما قيّد الحكم بكونه أغلبيا ، وكونه ينطبق على معظم جزئياته بالنّظر لما دخل على هذه القواعد أو معظمها من الاستثناءات فكانت نتائجها لذلك أغلبية (٣) أي منطبقة على أكثر الجزئيات.
__________________
١ ـ انظر : الأشباه والنظائر للسبكي ١ : ١١ ، ومختصر من قواعد العلائي وكلام الأسنوي ١ : ٦٤ ، وشرح التلويح على التوضيح ١ : ٣٥ ، وتحرير المجلّة ١ : ٢٨٩ ، والقواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٥.
٢ ـ غمز عيون البصائر ١ : ٥١. والموجود في المصدر هكذا : «حكم أكثريّ لا كلّي ، ينطبق على أكثر جزئياته ؛ لتعرف أحكامها منه».
٣ ـ قال في تهذيب الفروق ١ : ٥٨ : «ومعلوم أنّ أكثر قواعد الفقه أغلبية».