مناقشة التعريف
وهذا إن أريد به التحديد المنطقي لما يجب أن يحمل هذا المصطلح من دلالة فإنّه يرد عليه :
أوّلا : أنّه غير جامع ، وذلك لخروج القواعد الفقهية المنتجة لوظائف عقلية ، كقواعد البراءة والاحتياط العقليّين ، إذا لوحظ إنتاجها لأحكام جزئية لوضوح أنّ نتائجهما ليست أحكاما ، إذ لا يوجد فيها اعتبار ، لأنّ العقل مدرك وليس بحاكم (١) ، والحكم إنّما يتقوّم بالاعتبار لا بالإدراك.
ولخروج ما لم يدخل عليه الاستثناء من القواعد ، كالقواعد العقلية ، التي لا تقبل التخصيص أمثال : (الضّرورة تقدّر بقدرها).
ثانيا : أنّه غير مانع ، لإطلاق كلمة الحكم فيه ، ومقتضى ذلك دخول القواعد العرفية واللغوية والقانونية والأصولية ذات الاعتبارات المعنيّة ، وهي لا تنتج أحكاما فقهية وإن احتاج إليها الفقيه أحيانا في مجالات استنباطه ، أمثال : (الأصل في الكلام الحقيقة) و (لا ينسب لساكت قول) ، و (القرآن حجّة) ، وهكذا ...
يضاف إلى ذلك دخول ما يسمّى بالمسائل الفقهية في نطاق التعريف لكون أكثرها أحكاما أغلبية وهي ليست بقواعد.
ثالثا : دخول القيود التوضيحيّة في التعريف وهي على خلاف الأصل لوضوح أنّ ذكر كلمة (أغلبي) يغني عن ذكر (ينطبق على معظم جزئيّاته).
هذا إذا أريد من التعريف أن يكون تعريفا علميا ، أمّا إذا أريد منه أن يكون شرحا لفظيا للمصطلح فلا ترد عليه أكثر هذه المؤاخذات ، إلّا أنّ دخوله في مجالات البحث العلمي لا موضع له ؛ لأنّ طبيعة البحث العلمي تستدعي الدقّة في التّحديد.
__________________
١ ـ للمزيد راجع مبحث : «العقل مدرك وليس بحاكم» من الأصول العامة للفقه المقارن : ٢٦٦.