وتبليغها بصدق وتفان ، وتحمّلوا الصعاب في سبيل ضخّ العمل الفقهي برؤيا تجديدية مواكبة والواقع المعاش.
فهو لم يكتسب موقعه من كتابة مؤلّفاته في مجال الفقه والأصول ، بقدر ما اكتسبه من تطلّعاته على الصعيد التقريبي ، إذ كان رحمهالله يتعاطى مع الواقع الثقافي بكلّ إملاءاته العلمية برؤيا موضوعية وتقريبية تنمّ عن نظرته الخاصة تجاه فكر وثقافة الآخرين ، وعدم انحيازه في طرح أفكاره ومناقشتها إلى جهة دون أخرى ، بل حاول أن يواكب مناهج المصلحين في تقديم النموذج العلمي الذي من شأنه تعزيز الوعي التقريبي الحرّ ، من خلال كتاباته القيّمة بشأن القواعد الفقهية ، وتعاطيه معها على أنّها علم قائم بذاته.
ولعلّ أروع ما يستوقف القارئ الكريم في شخصية وقلم هذا الرجل شيئان :
١. أدب الاعتراض الذي تحلّى به قلمه ، فهو يلتزم الحوار والنقاش العلميين ، بعيدا عن كلّ ألوان الانحياز والحساسيات المفرطة ، وكلّ العواطف الشخصية والطائفية في تناوله للمسائل والموارد الأصولية. فلم يطعن ولا يخدش أمرا إلّا بدليل معتبر ، ولا يردّ دعوى حتّى يثبت له خلافها.
٢. احترامه المصلحة الاسلامية ، حيث فرض على نفسه سلوكا خاصا من شأنها تعزيز مكانة الوحدة الاسلامية في نفوس المسلمين ، وتكريس الواقع الذي يزيد من قوة وتماسك الوشائج الاجتماعية ، لا الواقع الذي ينهش في جسد الأمة ، ويصعد من وتيرة آلامها وشقائها.
ولمّا كان لهذا الكتاب الذي دوّنته يراعته الكريمة من أهمية في تقوية وتعميق هذا العلم وفي حركة الفقه والتقريب بين المذاهب الإسلاميّة ، كان