ولأجل هذه النظرة الفاحصة في حقيقة القواعد الفقهية كان من الضرورة بمكان أن ينظر كلّ باحث في القواعد التي تذكرها المذاهب ؛ لاكتشاف تلك العلاقة ، وإلّا خرجت عن منظومتها المتكاملة التي أعدّت لها ، وعن وظيفتها الشرعية التي جاءت لإنجازها.
ومنها : كانت القواعد الفقهية محصورة ومنزوية في إطارها المذهبي الذي يدور عليه كلّ مذهب بحسب المباني التي يتّكئ عليها ، إلّا أنّ العلّامة الحكيم أخرجها من إطارها الضيّق والبودقة التي هي فيها ، وأرجعها إلى نصابها الصحيح : من أنّها أحكام شرعية لا تختصّ بمذهب دون مذهب ، شأنها كشأن أيّ معلم إسلامي آخر.
ومنها : قد جسّد المؤلّف في كتابه هذا اسلوب المقارنة في البحث ، وذلك بعرض القواعد الفقهية من طريق الروايات التي هي في مجاميع الكتب الإسلامية ، والتي لا تختصّ بمذهب معيّن دون آخر ، وبهذا يضع أساسا محكما ، وهو : وحدة المصادر الإسلامية التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية ، وهذا إن دلّ على شيء ، فإنّه يدلّ على أنّ هناك محطات أساسية يمكن الفقهاء أن ينطلقوا منها في مسيرتهم الوحدوية التي يدعون إليها ، ضدّ من يريد أن يكون سدّا مانعا من الوصول إلى الغاية المنشودة من الوحدة والائتلاف ، ويجعل وحدة كلمتهم التي يطلقونها جوفاء لا معنى لها.
ومنها : استطاع العلّامة المؤلّف من طريق القواعد الفقهية أن يعرض آراء الفقهاء