والقاعدة في الأحاديث المختلفة ذات الوقائع المتعدّدة إذا علم بوحدة الحكم فيها ؛ تقتضي حمل المطلق على المقيّد ، أي اعتبار الزيادة ، إذ لا معارض لها يمنع من الأخذ بها.
نعم تأتي شبهة التعارض فيما إذا علم أنّ الصادر من النبي صلىاللهعليهوآله مثلا شيء واحد ، واختلف الرواة في النقل عنه من حيث الزيادة والنقيصة ؛ فأصالة عدم الزيادة في الكلام تعارضها أصالة عدم النقيصة ، ومقتضى ذلك أن يسقطا معا ، وتتحوّل الرواية إلى أن تكون مجملة من هذه الناحية.
وهذا ينطبق على قصة سمرة ؛ لأنّ الأحاديث التي أثرت فيها مختلفة ؛ فبعضها تقتصر على كلمة «لا ضرر ولا ضرار» ، وبعضها تزيد كلمة «على مؤمن» ، وبما أنّ الواقعة واحدة ، وكلام النبي صلىاللهعليهوآله فيها واحد ، فلا يعقل أن تكون فيه هذه الكلمة ولا تكون.
ولكنّ هذه الشبهة يمكن أن تدفع بأنّ التعارض والتساقط إنّما يتمّان إذا لم يقدّم أحد الأصلين على الآخر في مجال الحجية. وأصالة عدم الزيادة هنا مقدمة على أصالة عدم النقيصة لقيام بناء العقلاء على ذلك ؛ لوضوح أنّ الناس يتسامحون في النقيصة ولا يتسامحون في الزيادة ؛ لأنّ الناقل غالبا إنّما يأخذ من النصّ موضع حاجته ويترك الباقي ، فالنحويّ ـ مثلا ـ حين يريد الاستشهاد فإنّما يأخذ موضع الشاهد من الحديث أو القصيدة ، ولا يهمه أن يأتي بالحديث أو القصيدة كاملة.
أمّا الزيادة فإنّ الناس يعتبرونها من نوع الكذب والافتراء فلا يتسامحون فيها بحال ، فمن زاد في حديث مثلا ونسبه إلى النبي صلىاللهعليهوآله ؛ اعتبر كذّابا مفتريا.
وعلى هذا فأصالة عدم الزيادة مقدّمة لديهم على أصالة عدم النقيصة. (١)
__________________
١ ـ انظر : قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» لشيخ الشريعة الأصفهاني : ١٥ ، ومصباح الأصول ٢ : ٥١٩ والقواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢١٣.