التعزير ، وهكذا ...
ومقتضى ذلك ألّا يبقى تحت عموم القاعدة إلّا أقلّ القليل ، وهذا ما يوجب وهنا في دلالتها يوقف الأخذ بها ؛ فلا بدّ إذا من التماس مدلول آخر ينسجم والأساليب البليغة في محاورات أهل اللسان.
وأجاب الشيخ عن هذه الشبهة (١) بإمكان التماس قدر جامع بين هذه الأحكام الضررية ـ على اختلافها ـ يكون هو المخصّص ، فيكون التخصيص واحدا ، وإن أخرج أكثر الأفراد ، ومثل هذا ليس فيه ما يستهجن لدى أهل اللسان ؛ لأنّ المستهجن كثرة التخصيصات ، لا التخصيص الواحد المنطوي على كثرة الأفراد ، فلو قال القائل : أكرم العلماء إلّا النحويين ، وكان النحويّون يشكّلون تسعين بالمائة من مجموع العلماء ـ مثلا ـ لا يكون التخصيص مستهجنا عرفا.
مناقشة ورأي
ولكنّ هذا الجواب وإن كان سليما بالنسبة إلى التخصيص المنصبّ على العناوين ، لا الأفراد (٢) ، كما هو الشأن في القضايا الحقيقية التي لا يكون الوجود الخارجي الفعلي منظورا فيها ، بل الحكم فيها يكون واردا على موضوعه مفروض الوجود ، قلّت أفراده أو كثرت ، إلّا أنّ هذا القدر الجامع لو أمكن تصوّره فإنّما هو من صنعنا نحن ؛ إذ لم يرد التعبير عنه من قبل الشارع المقدّس في أيّ دليل.
وعمليّة التخصيص إنّما هي عملية جمع بين ظهورات متعدّدة متدافعة في اللّحاظ الأوّلي ، صادرة جميعا من الشارع المقدّس ، والصادر منه هنا هو جعل أحكام متعدّدة لموضوعات ضررية متعدّدة ، لا حكم واحد ؛ ليفكّر بكيفية الجمع بينه وبين هذه
__________________
١ ـ فرائد الأصول ٢ : ٤٦٥.
٢ ـ درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٢٨٤.