بالتنفرّ والتباعد عنهم ، قال الشيخ الحر العاملي في الخاتمة عن الواقفة :
وأمّا هؤلاء المخذولون فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضـرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال وخصوصا الواقفة ، فإنّ الإماميّة كانوا في غاية الاجتناب لهم ، والتباعد عنهم ـ حتى أنّهم كانوا يسمونهم ( الممطورة ) أي الكلاب التي أصابها المطر ـ وائمتنا عليهمالسلام كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ومخالطتهم ، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة ويقولون : إنّهم كفار ، مشركون ، زنادقة ، وإنّهم شرّ من النواصب ، وإن من خالطهم فهو منهم. وكتب أصحابنا مملوءة بذلك كما يظهر لمن تصفّح كتاب الكشّي وغيره (١).
وإنّك لو تأملت في تعليل القميّين لمن أقصوا من المحدّثين فلا تراهم يتّهمونهم لروايتهم الأحاديث الموضوعة ، بل للرواية عن الضعفاء فيما يقولون ، أو بسبب الرواية عن أهل المذاهب الفاسدة ، أو بسبب رواية المراسيل ، وهناك فرق بين الأمرين لا يخفى على العالم البصير.
قال ابن الغضائري في أحمد بن محمد بن خالد البرقي : طعن القمّيّون عليه ، وليس الطعن فيه إنّما الطعن فيمن يروي عنه ، فإنّه كان لا يبالي عمّن يأخذ على طريقة أهل الأخبار (٢) ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده عن قمّ ثم أعاده إليها واعتذر إليه (٣).
وقال النجاشي عنه : أصله كوفي وكان جدّه محمد بن علي حبسه يوسف بن عمر ـ والي العراق ـ بعد قتل زيد عليهالسلام ثم قتله ، وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبدالرحمن إلى برق روذ ، وكان ثقة في نفسه يروي عن الضعفاء واعتمد
__________________
(١) وسائل الشيعة ( الخاتمة ) ٣٠ : ٢٠٤.
(٢) أي أنّه لم يتبع منهج القميين في الاخذ بالاخبار.
(٣) رجال ابن الغضائري : ٣٩ / ت ١٠.